الرئيسية/فتاوى/لماذا قال: (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم) ولم يقل: في ضلالتهم، أو من ضلالتهم؟

لماذا قال: (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم) ولم يقل: في ضلالتهم، أو من ضلالتهم؟

السؤال :

قوله تعالى: وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ [النمل: 81]، لم يقل: في ضلالتهم، أو من ضلالتهم. فلماذا أتى بـ (عن)، فما هو السر في ذلك؟ حفظكم الله؟

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فإنَّ الأفعال المتعديَّة بحروف الجر لا بدَّ أن يكون لكلِّ فعل منها حرفٌ يناسبه؛ فإذا عدِّي بغيره من الحروف فإنَّ النُّحاة يوجِّهونه بمصطلح عندهم اسمه “التَّضمين”[1]، ومعناه: أنَّ الفعل يضمَّن معنى فعل آخر؛ فيعدَّى الفعل المصرح به بالحرف المناسب للفعل المضمَّن، وبهذا يفيد اللفظ معنى الفعلين، وهذا من فنون البلاغة في اللغة العربية؛ لما فيه من الإيجاز وتكثير المعاني[2]، ومنه قوله تعالى: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ [الإنسان: 6]؛ فالمناسب للفعل (يشرب) حرف (من)، فلمَّا عُدِّي بالباء قالوا: إنه ضُمِّن معنى (يروَى)[3]، ونقول في الفعل المسؤول عنه: وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ: إنه ضمِّن معنى (صارف)[4]، وهكذا يقال في كل ما أشكل من هذا النوع. والله أعلم.

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 27 جمادى الآخرة 1446هـ

 

[1] ينظر: الخصائص (2/308)، وشرح المفصل لابن يعيش (4/464).

[2] ينظر: توضيح مقدمة التفسير لشيخنا (ص78).

[3] ينظر: معاني القرآن للفراء (3/215)، وتفسير ابن كثير (8/287).

[4] ينظر: التحرير والتنوير (20/37).