الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فإن تأسيس الصناديق العائلية التي درج عليها الناس في السنين الأخيرة هو من الأعمال الصالحة التي دلَّ عليها الشرع؛ فإنها تقوم على أصلين:
الأول: صلةُ الرحم، التي جاء في الكتاب والسنة الترغيبُ فيها.
الثاني: التعاونُ على الخير، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2]؛ فالتعاونُ هو ركيزةُ هذه الصناديق، وهو التعاون بالمال بما يقدِّمه ذَوُو اليسار من الاشتراكات، والتعاونُ البدنيُّ بالإشراف والإدارة، وههنا أمورٌ لا بدَّ من التنبيه عليها عند تأسيس هذه الصناديق:
1ـ أنه لا يجوز أن تكون المشاركة في إيرادات الصندوق إلزامية؛ فإنه لا يجب على المسلم من الإنفاق إلا ما أوجبه الله عزَّ وجلَّ.
2ـ يجب الحذر من المحاباة في الصرف، ويكون ذلك بالتزام الشروط المتفق عليها بين القائمين على الصندوق.
3ـ الاحتراز في إيرادات الصندوق ممَّا لا يحلُّ من المكاسب.
4ـ تحرِّي الأوليَّات في الصَّرف؛ حسبما يقتضيه الشَّرع، والاجتهادُ في ذلك.
5ـ ألَّا يُشترطَ في استحقاقِ الاستفادةِ من الصندوقِ المشاركةُ في الإيرادات، بل تكون الاستفادة من الصندوق من حقِّ جميع أفراد الأسرة، المشارك وغير المشارك.
6ـ يجب على كل من يشارك في تمويل الصندوق أن يكون ما يقدِّمه خالصا لوجه الله، أعني أنه لا يعطي ليأخذ؛ فإن ذلك نظام التأمين التجاري.
هذا ما بدا لي من ضوابط يجب مراعاتُها عند تأسيس هذه الصناديق، فأمَّا حساب الزكاة في الصندوق فتجب فيه مراعاة الأمور الآتية:
1ـ عدم تأخير صرف الزكاة عن وقتها الذي وجبت فيه.
2ـ عدم قصر الصَّرف منها على أفراد الأسرة، بل يجب صرف الزكاة لمن يستحقها، ولو كان من خارج الأسرة، لكن تكون الأولوية لمستحق الزكاة من الأسرة.
3ـ عدم استثمار أموال الزكاة، بل يجب صرفها متى وجد المستحق، ولو كان خارج البلد.
نسأل الله أن يوفق القائمين على هذه الأعمال المباركة، وأن يجزيهم على مساعيهم أحسنَ الجزاء، وأن يبارك للمنفقين فيما أعطاهم؛ إنه تعالى جواد كريم، برٌّ رحيم. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 16 رجب 1446هـ