الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فمعنى الآية الكريمة بموازنة حال النفس بعد إتيان الآية مع حالها قبل إتيان الآية؛ المعنى: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها ولا ما تكسب من خير، والحال أنها لم تكن آمنت قبل إتيان الآية، ولم تكسب في إيمانها خيرًا؛ لأن إيمانها وما تكسب من خير بعد إتيان الآية بمنزلة معاينة القيامة، ومعلوم أن الإيمان النافع والعمل الصالح إنما ينفع قبل المعاينة، وشواهد هذا المعنى في القرآن كثيرة؛ كقوله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [النساء: 18]، وقوله: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [المنافقون: 10].
وأمَّا حرف (في) في قوله تعالى: أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا فأكثر المعربين على أنها ظرفيَّة[2]، ولم يذكر أحدٌ أنها سببيَّة فيما وقفنا عليه، والقول بأنها سببيَّة – كما ذكر السائل – قويٌّ؛ فإن الإيمان سبب اكتساب الخير، وهو العمل الصالح. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 10 شعبان 1446هـ
[1] ينظر: التحرير والتنوير (8أ/187).
[2] ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1/551)، والكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد (2/729-730).