الرئيسية/فتاوى/حكم صرف الزكاة للدعاة والداعيات رواتب لهم

حكم صرف الزكاة للدعاة والداعيات رواتب لهم

السؤال :

هناك جمعية خيرية تعمل في بلد فقير، يعمل لديهم داعيات وطالبات علم ومعلمات فقراء ومساكين، هل يجوز دفع رواتبهم من الزكاة؛ حيث لا تملك الجمعية موارد سوى الصدقات والزكوات؟ جزاكم الله خيرا.

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فإنَّ أحد مصارف الزكاة هو سبيل الله، وهو الصنف السابع في قوله تعالى: وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة: 60]، واختلف العلماء في المراد بقوله: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فذهب جمهور أهل العلم إلى أن المراد به جهاد الكفار بالقتال؛ لأنه المراد في أكثر موارده في القرآن، وعلى هذا فيُعطى منها الغزاة الذين لا يعطون شيئًا من بيت المال، وتُصرف الزكاة في كل ما يستعان به في الجهاد من أنواع الأسلحة والمراكب، من الخيل وغيرها ممَّا أُحدِث في هذا العصر[1]، وعلى هذا القول فلا تصرف الزكاة في كل ما هو من سبيل الله بالمعنى العام؛ كبناء المساجد والقناطر وطباعة المصاحف وكتب العلم، وغيرها ممَّا فيه مصلحة للمسلمين[2].

وذهب جماعة من أهل العلم من المعاصرين إلى أن (سبيل الله) في الآية عامٌّ، أي: لا يختص بالجهاد، فلذا قالوا بصرف الزكاة في كل ما هو طاعة لله، فتصرف الزكاة عندهم في وسائل الدعوة من بناء المساجد والمدارس ومراكز الدعوة، وفي كل ما يلزم لها[3].

والقول الأول هو مذهب المفسرين من السلف وجمهور الفقهاء، كما تقدم، وأمَّا القول الثاني فلا أعلم أحدًا من السلف قال به[4]، فيكون قولًا محدثًا.

وممَّا تقدم يُعلم جواب السؤال، وأمَّا صرف الزكاة للدعاة والداعيات رواتب لهم، فإن كانوا فقراء فيجوز صرف الزكاة لهم؛ لفقرهم، وهذا يكفيهم عن الرواتب، أمَّا أن يُعطَوا من الزكاة رواتب لهم في مقابل نشاط الدعوة والتعليم فلا يجوز. والله أعلم

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 19 رمضان 1446ه

 

[1] ينظر: تفسير الطبري (11/527)، والمغني (9/326).

[2]ويرى شيخنا أيضًا جواز صرفِ الزَّكاةِ لِمن يريدُ الحجَّ- كما في فتاويه-، وهو قول ابن عباس وابن عمر ورواية عن أحمد. ينظر: المغني (9/328)، وفتح الباري (3/331).

[3] ينظر على سبيل المثال: تفسير المنار (10/436)، والإسلام عقيدة وشريعة لشلتوت (ص 104-105)، ومجلة المجمع الفقهي الإسلامي، العدد الثالث، الدورة الثامنة، القرار (4). (ص210).

[4] نقله الكاساني والقفال عن بعض الفقهاء. ينظر: بدائع الصنائع (2/45)، وتفسير الرازي (16/87).