الرئيسية/فتاوى/الإنكار على من يدعو دائما بعد صلاة الفريضة

الإنكار على من يدعو دائما بعد صلاة الفريضة

السؤال :

انتشرت رسالة هذا نصها: “إذا رأيتَ من يدعو بعد أداء صلاة الفريضة –ولو كان يفعل ذلك دومًا– فاتركه في حاله، ولا تكن سببًا في صرفه عن هذا الخير بإنكارك عليه، أو تبديع عمله”، نقلا عن رسالة بعنوان: ‏«مشروعية الدعاء بعد الصلاة». ‏تأليف الشيخ: سعيد بن عبدالقادر باشنفر، فما قولكم – حفظكم الله – في مضمون هذه الرسالة؟

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فدعاء الله مشروعٌ في كل وقت، وفي كل حال، فقد أمر الله به، ووعد بالإجابة، وهذا يشمل الدعاء في الصلاة وخارج الصلاة قبل السلام وبعده، وقد ذكر الله بعض أدعية الصالحين من الأنبياء وغيرهم، كما في سورة آل عمران والأنبياء، ودلَّت السنة على ما دل عليه القرآن، وتضمَّنت أدعية كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو بها، أو يوصي بها، ولا ريب أن الدعاء بها أفضلُ من الأدعية التي ينشئها الإنسان من عند نفسه، أو ينشئها غيره، وقد يتخذها وِردًا يحافظ عليه، بل المحافظة على هذا النوع من الدعاء يقرب من البدعة، أو هو بدعة.

أما الدعاء بالأدعية المأثورة قبل السلام أو بعده في صلاة الفريضة، فالمحافظة عليه هو السنة، كالدعاء بعد التشهد، بل قيل بوجوب بعضه، كالاستعاذة من الأربع[1]، لكن يجب ألَّا يكون جماعيًّا، كأن يدعو الإمام والجماعة يؤمِّنون، كما يفعل في بعض البلاد؛ فإن ذلك بدعة قطعا؛ إذْ لم يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه، ولا عن أحد من السلف المقتدى بهم، من الصحابة والتابعين وأئمة الدين[2]، لكن من دعا لنفسه بالأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو حسن، لكن ينبغي أن يتحرى الهيئة التي توافق هديه -صلى الله عليه وسلم-؛ فلا يداوم على رفع يديه، ولا يجهر فوق الجهر الذي يسمعه من كان قريبًا منه، كيف وقد قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف: 55]؟! ولا يجهر جهرًا يشوِّش به على من حوله، ومن التزم بآداب الدعاء داخل الصلاة وخارجها فلا ينكر عليه، وممَّا تقدم يعلم جواب السؤال. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 17 رمضان 1446هـ

 

[1] لما روى مسلم (588) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا تشهَّد أحدكم ‌فليستعذ بالله من أربع…” وهو قول طاووس والظاهرية واختاره الشوكاني. ينظر: مصنف عبد الرزاق (3087)، والمحلى (3/271)، ونيل الأوطار (4/381).

[2] ينظر: البيان والتحصيل (1/362)، والاعتصام (2/260).