الرئيسية/فتاوى/هل يعفى عن قطرات البول

هل يعفى عن قطرات البول

السؤال :

شيخي وقرة عيني العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك، متعنا الله بحياته، وبارك الله له في علمه وفي جميع أوقاته:

سمعت أحد الأساتذة المتخصصين في الفقه في جواب له يقرر فيه أن قطرات البول بعد التبول يعفى عنها، وإنما على الإنسان أن يرش الماء على فرجه وعلى ثيابه، ولا يطيل المكث بعد قضاء حاجته، ونقَل المذكور عن الإمام أحمد أنه لا يلزم وضع القطن على الذكر لمن تخرج منه القطرات، وأن الإمام أحمد سئل عن الذي يضع القطن، فقال: “هؤلاء قوم شددوا فشدد الله عليهم”، ثم نقل الدكتور تقريرًا طبِّيًّا أن أكثر من 25 إلى 30% من الناس يعانون من وجود القطرات بعد التبول، فلهذا يعفى عن هذه القطرات، لعموم البلوى بها، وإنما يرش الماء ولا يلتفت، حتى ولو أحس بخروج شيء منه، ما لم يره بعينه، وأنا يا شيخ عبد الرحمن أثق بعلمك –سددك الله– فأسألك: هل هذا الكلام صحيح؟ لأن لديَّ هذه المشكلة، فأرجو من فضيلتكم التكرم بالجواب. والله يجزيكم عنِّي وعن المسلمين خيرا، ويتولاكم بتوفيقه وعونه.

 

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فالأصل المعوَّل عليه في هذه المسألة ونحوها قوله -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله عن الرجل يخيَّل إليه في الصلاة أنه أحدث ولم يحدث، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا متفق عليه[1]، وأخذ العلماء من ذلك قاعدة عظيمة، وهي أن الشَّكَّ لا يَرفع اليقين[2]، واعتبر العلماء هذه القاعدة في أبواب كثيرة، ومنها الطهارة، قالوا: من تيقَّن الطهارة وشكَّ في الحدث بنَى على الأصل وهو المتيقَّن، فلا يُنتقل عنه بسبب الشَّكِّ، ومن تيقَّن الحدث فهو محدِث[3]، وبناء على ذلك فقطرات البول المسؤول عنها، على المبتلى بها أن يعمل بالقاعدة المذكورة؛ فما شكَّ فيه فلا يلتفت إليه، ولا تبطل طهارته، ولا عبرة بالإحساس بحركة البول في قصبة الذكر، ومن تيقَّن خروج البول بطلت طهارته وانتقض وضوؤه، ولو رشَّ الماء على فرجه وسراويله، ولا يعفى عن القطرات إذا خرجت يقينًا ولو قلَّت.

وأرى أن يكون الضابط للفرق بين الشَّكِّ واليقين أن يستطيع أن يحلف بأنه خرج منه البول؛ فإن كان لا يستطيع ذلك فهو شكٌّ لا يُلتفَت إليه[4]، ولعله بمراعاة ذلك يُتخلَّص من مشكلة قطرات البول. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 7 شوال 1446هـ

 

[1] أخرجه البخاري (137)، ومسلم (361) من حديث عبد الله بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه.

[2] ينظر: المنثور في القواعد الفقهية (3/135)، والأشباه والنظائر للسيوطي (ص50).

[3] ينظر: الحاوي الكبير (1/207)، والمغني (1/262).

[4] ذكر هذا الضابط ابن المبارك، كما في سنن الترمذي (75).