الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فإن الأمر الثابتَ شرعًا، المتفقَ عليه بين أهل العلم أنه لا حظَّ للورثة من الإرث إلا بعد قضاء دين الميت[1]، فمَن كان عليه دينٌ واقتسم الورثة تركته من غير التفات إلى ما عليه من الدين، فما أخذوه أخذوه بغير حقٍّ، فعليه أن يردوه كلَّه، ويقضوا دين مورِّثهم، فإن بقي شيء بعد قضاء الدين فهو لهم يقتسمونه على حسب مواريثهم، وليس لأحد أن يقضي دين هذا الميِّت المسؤول عنه من الزكاة لأمرين:
أحدهما: أن قضاء دين الميت من الزكاة مختلفٌ فيه بين أهل العلم[2].
الثاني: أن هذا الميت له مالٌ يفي بدينه، لكن الورثة أساؤوا في اقتسامه، فصاحب الدين طريقه على هؤلاء الورثة؛ لأنهم أخذوا المال الذي هو أولى به، بل هو حقُّه، والذي يريد أن يقضيه من الزكاة هو في الحقيقة قد أعطى الزكاة لأولئك الورثة؛ لأنه بقضاء دين الميت وفَّر عليهم ما أخذوا؛ فكأنه دفع الزكاة إليهم، لكن إن أراد أن يتبرع بقضاء الدين من غير الزكاة، فله ذلك لأنه في الحقيقة تبرعٌ لأولئك الورثة، فلا بأس بذلك، وهو حرٌّ في ماله، يتبرع منه بما شاء على من شاء، وخلاصة القول أنه لا يجوز قضاء دين هذا الميت من الزكاة، والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 3 ذي الحجة 1446ه
[1] ينظر: الأم للشافعي (5/216)، وتفسير ابن كثير (2/229).
[2] ينظر: المجموع شرح المهذب (6/211)، والمغني (4/125).