الرئيسية/فتاوى/حكم قصد الرجل مسجد بلده عشية عرفة للدعاء والذكر

حكم قصد الرجل مسجد بلده عشية عرفة للدعاء والذكر

السؤال :

هل (اجتماع الناس) للذكر والدعاء لازم للتعريف في مساجد الأمصار عشيّة يوم عرفة، أو أن قصد الرجل المسجدَ وحده عشيّة عرفة يُسمى تعريفًا، وإن لم يكن فيه اجتماع؟

وكيف يمكن تفسير كلام ابن تيمية، ونصُّه: “فأما قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر، فهذا هو التعريف في الأمصار الذي اختلف العلماء فيه”، وقال رحمه الله: “بل تنازع السلف في تعريف الإنسان في مِصْره من غير سفر، مثل أن يذهب عشية عرفة إلى مسجد بلده فيدعو الله ويذكره” جامع المسائل لابن تيمية – عزير شمس (5/ 365)

فهل يشترط في ذلك التعريف الاجتماع؟ وهل يمكن أن يقال: إن المساجد ما زالت معمورة في عهد الصحابة ومن بعدهم في أكثر الوقت، وفي الأوقات الفاضلة من باب أولى، كيوم عرفة؟ أثابكم الله، ونفع بعلمكم.

 

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

 فقد سبق مني فتوى في حكم (التعريف) المعروف، وهي منشورة[1]، وذكرت فيها ما أرى أنه الصواب، وأشرت إلى قول شيخ الإسلام رحمه الله[2]، وإلى الخلاف في ذلك، وأنا لا أزال على هذا، وأنه لا يجوز قصد المسجد عشية عرفة، تشبُّها بأهل عرفة، لا من فرد ولا من جماعة[3]؛ حتى مَن كانت عادته في سائر الأيام الجلوس في المسجد بعد العصر، فلا أرى أن يجلس في اليوم التاسع؛ حتى لا يُظنَّ به أنه قصد التعريف، ولئلا يُقتدى به[4]؛ فالواجب لزوم السنة، والبعد عن البدعة، ما أمكن؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، وعلى هذا فلا يشترط لكون الفعل من التعريف المختلفِ فيه الاجتماعُ، بل قصْد المسجد عشية عرفة هو تعريفٌ، من فرد كان أو جماعة. والله أعلم.

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 4 ذي الحجة 1446ه

 

[1] وهي بعنوان: “حكم التعريف بغير عرفة للأمصار”، وحررها شيخنا في التاسع من ذي الحجة عام واحد وأربعين وأربع مئة وألف.

[2] ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/159-153).

[3] ينظر: الحوادث والبدع (ص126)، والمجموع شرح المهذب (8/117).

[4] ولهذا قال مالك بن أنس: ” ولقد رأيت رجالًا ممن اقتدي بهم يتخلفون عشية عرفة في بيوتهم”. وقال: ” وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع، ولا أحب للرجل الذي قد علم أن يقعد في المسجد في تلك العشية؛ مخافة أن يقتدى به، وليقعد في بيته”. وقال الحارث بن مسكين: ” كنت أرى الليث بن سعد ينصرف بعد العصر يوم عرفة، فلا يرجع إلى قرب المغرب “. وكان أبو وائل لا يأتي المسجد عشية عرفة. ينظر: الحوادث والبدع (ص127).