الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد، أمَّا بعد:
فإنَّ تلاوة القرآن وتدبُّر القرآن مطلبان للمؤمن ؛ فالتّلاوة طريق للتَّدبُّر، وفي كثرة التّلاوة الاستكثارُ مِن الحسنات، وفي التَّدبُّر توصُّلٌ إلى العلم بمقاصد القرآن، ولكن لابدَّ مِن التَّوسط في كلٍّ منهما ؛ فلا يُفَوَّت أحدهما بالآخر، وتختلف الأحوال ؛ فتارة يترجَّح التَّوقفُ عن التلاوة للتَّدبر في معنى دقيقٍ، وتارة تترجَّح التّلاوةُ اغتنامًا لفضل الزمان، أو اغتنامًا للنشاط، أو بقصد التَّعاهد للحفظ.
وليُعلم أنَّ التَّدبُّر المطلوب اقترانه بالتلاوة لا يعوق عنها، فما هو إلا عقلُ المعاني الظاهرة كالذي يتعلق بأسماء الله وصفاته وآياته، أو ما يتعلق باليوم الآخر والوعد والوعيد، وهذا متيسّر دون الحاجة إلى التوقف الطويل، وأما التَّدبُّر الذي يستدعي التوقف أو التكرار فينبغي أن يكون قليلًا، أو يؤجَّل استكمالُه لوقت يخصص لمراجعة ما يشتبه، وبما ذكرتُه أرجو أن يتحقق لطالب هُدى القرآن مطلوبُه مِن الأمرين بعونه تعالى. والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد.
عبدالرَّحمن بن ناصر البراك
في 22 رمضان لعام 1439هـ