الرئيسية/فتاوى/علامات رضا الله عن عبده
share

علامات رضا الله عن عبده

السؤال :

هل يجوزُ للإنسان في دعائه وضراعته أن يوجِّه هذا السؤال إلى ربِّه : يا ربّ هل أنتَ راضٍ عني ؟ وهل هناك أمارات يعرفُ بها العبدُ رضا الله عنه ؟ جزاك الله خيرًا، ونفع بكم .
 

الحمدُ لله وحده ، وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبي بعده ؛ أمَّا بعد :
فإنَّ رضوان الله عن عبده لا يُعلَمُ إلا بخبرٍ منه تعالى، أو مِن رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ فلا يجوز أن يُحكمَ به لأحدٍ إلا بدليلٍ مِن كتابٍ أو سنَّة ، مثل أصحاب الشَّجرة الذين عُرفوا بأهل بيعة الرّضوان ؛ لقوله تعالى: لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ [الفتح:18] ، فكلّهم نشهدُ له بأنَّ الله رضيَ عنه .
وهكذا كلُّ مَن شَهِدَ له الرَّسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالجنَّة، فيُشهَدُ له بأنَّ الله رضيَ عنه ؛ لأنَّ دخول الجنَّة يستلزمُ الرّضا مِن الله تعالى، ومَن سواهم لا يُشهَدُ لمعيَّنٍ برضا الله عنه، كما لا يُشهدُ له بأنَّه في الجنَّة، وإنَّما يُشهَدُ بذلك على وجه العموم والإجمال، كما قال تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ خَيۡرُ ٱلۡبَرِيَّةِ إلى قوله: رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة:7-8]
والعبدُ مأمورٌ بطلبِ رضوان الله بأسبابه مِن الإيمان والعمل الصَّالح، ومِن ذلك الدّعاء، فيسألُ العبدُ ربَّه رضاه، كما يسألُه الجنَّة، فيقول: أسألكَ رضاكَ والجنَّة، وليس للعبدِ أن يسألَ ربَّه بصيغة الاستفهام ؛ فيقول: يا ربّ هل أنتَ راضٍ عني؟  كما لا يقول: يا ربِّ هل أنا في الجنَّة؟  فهذا مِن لغو القول ؛ لأنَّه لن ينزل عليه وحيٌ بالجواب إثباتًا أو نفيًا، فيكون حينئذٍ مِن التَّعدِّي في الدّعاء ، ولكن مِن الجائز والجاري أن يقول العبد: يا ربّ إن لم تكن راضيًا عني فارضَ عني، وإن كنتَ راضيًا عني فازدد رضا،  وأولى مِن ذلك كلّه أن يجزم ويقول: اللهم ارضَ عني، ويسِّر لي أسباب رضاك، أو: وفقني للعمل الذي يرضيك عني، وما أشبه ذلك .
وليس لرضا الله علامات توجبُ القطع للعبد بحصوله، لكن له علامات توجبُ الرَّجاء في حصول الرضا، وهي: الاستقامةُ على فعل الأعمال الصَّالحة، واجتنابُ ما نهى الله عنه ورسوله، مع الخوف مِن الردِّ وعدم القبول، كما قال الله تعالى عن أوليائه: وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ [المؤمنون:60]، وجاء في تفسير هذه الآية عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قالت للرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: أهمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرقونَ؟ قالَ:
(لا يَا بِنْتَ الصَّديقِ، وَلكنَّهمُ الَّذينَ يَصُومُونَ وَيُصلّونَ وَيَتَصَدَّقونَ، وَهُمْ يَخَافونَ ألَّا تُقبَلَ منهم، أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ [المؤمنون: 61]) رواه الترمذي وغيره .
ومَن كان بصفة هؤلاء الصَّالحين، وسارَ على طريقهم زادَه اللهُ هدى، ويسَّره لأعمال صالحة ترتفعُ بها درجاته، كما قال تعالى: وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ [محمد:17] ، وقال: فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ [الليل:5-7] ، والله أعلم .

أملاه :
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في يوم الثلاثاء لخمسٍ بقين مِن ذي الحجة لعام 1437هـ