الرئيسية/المقالات/فائدة في تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره
sharefile-pdf-ofile-word-o

فائدة في تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره

 

فائدة في تفسير قوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام: 91]

 

  • قوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام: 91] جاءَ في ثلاثةِ مواضعَ مِنَ القرآن، وهو ذمٌ مِنَ الله للمشركين والجاحِدِين لبعْثِ اللهِ الرُّسُلَ؛ لأنَّهم تَنَقَّصُوا الله بما يُنَافي وحدانيَّتَهُ، وبِمَا ينافي حكمتَهُ ورحمتَهُ وعدلَهُ، فلم يعَظِّمُوه بما هو حقٌ له عليهم مِنَ التَّعظيم، وهذا معنى قول المفسرين: (ما عظَّمُوا اللهَ حقَّ تعظيمه، ولا عَرَفُوه حقَّ معرفته)؛ أيْ: ما عظَّمُوه التعظيمَ الواجبَ عليهم، ولا عَرَفُوه المعرفَةَ الواجبةَ له عليهم سبحانه.
  • وينبغي أنْ يُعْلَمَ أنَّ حقَّ الله قد يُرادُ به ما يَستحِقُّه -سبحانه- لذاته، وقد يُرادُ به ما يستحقه على عباده، و(الحق) الذي في الآية هو الثاني.
  • فلهذا جاء ذَمُّ المشركين بعدم القيام به، وهكذا كلُّ مَن تنقَّصَ اللهَ بنوعٍ مِنَ التَّنَقُّص فما قَدَرَ الله حق قَدْرِه. 
  • وأمَّا حقُّ الله الذي يستحقه لذاته فهو غيرُ مقدورٍ للعباد، فلا يُذَمُّ أحدٌ بعدم القيام به، فلهذا يُقال في الثَّناء على الله: لا يستطيعُ أحدٌ أن يَقْدُرَ اللهَ حقَّ قدره، ويعبُدَ الله حقَّ عبادته، كما جاء أنَّ الملائكة تقول يوم القيامة: (ما عبدناكَ حقَّ عبادتك) مع ما هم عليه مِن دوام العبادة والتَّعظيم لله، وقال الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم -وهو أعلمُ الخلق بربِّه-: (لا أُحصي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثنيتَ على نفسكَ). 
  • ولِـمَا في لفظ الحقِّ مِنَ الاحتمال لا يجوز أنْ يُوصفَ أحدٌ مِنَ الملائكة أو الأنبياء بأنَّه قَدَرَ الله حقَّ قدْرِه، لاحتمال المعنى الأول، كما لا يجوز أنْ يُقال فيهم: ما أحدٌ منهم قدَر الله حقَّ قدره، لاحتمال المعنى الثاني، فيُشْبِهُ ما ذَمَّ اللهُ به المشركين، بل يقال: إنَّهم أعلَمُ الخلق بربّهم، وأقومُهُم بحقه، وأكملُهُم تعظيمًا له، وعبادةً له سبحانه.
  • وقد أشارَ أبو حيان في تفسير آية الأنعام إلى معنى ما تَقدَّم فيما نَقَلَهُ عن الماتُرِيدي وأبي العالية؛ قال الماتُرِيدي: ومَنِ الذي يُعظِّمُ الله حقَّ عظمته، أو يعرِفُهُ حقَّ معرفته، قالت الملائكة: (ما عبدناكَ حقَّ عبادتكَ) الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (لا أحصي ثناءً عليكَ). 
  • قال أبو حيان: وينفصلُ عن هذا [أيْ: يخرج الماتريدي عن الإشكال الذي أشار إليه] أن يكون المعنى: ما عظَّموه العظمة التي في وُسْعهم وفي مقدورهم، وما عرفوه كذلك.
  • وقال أبو العالية -واختارَهُ الخليلُ بنُ أحمد- معناه: ما وصفوه حقَّ صفته فيما وَجَب له واستَحَال عليه وجاز. انتهى مِن البحر المحيط.
  • وقوله تعالى حَقَّ قَدْرِهِ : هو مِن إضافة الصفة إلى الموصوف، أي ما عظَّموه التَّعظيم الذي يستحقه . والله أعلم .

 

أملاه:

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

في 18 ربيع الأول 1436هـ