الرئيسية/المقالات/ملاحظات الشيخ البراك على كتاب مخ العبادة
sharefile-pdf-o

ملاحظات الشيخ البراك على كتاب مخ العبادة

ملاحظات الشّيخ البرّاك على كتاب "مخ العبادة"
 
*كتاب الشيخ ابن باز -رحمه الله-
 
الرقم: 767/خ
التاريخ: 1/7/1405 هـ
المرفقات: كتاب
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ

مِن عبدالعزيز بن عبدالله باز إلى حضرة الأخ المكرّم الشّيخ عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك وفّقه الله لِمَا فيه رضاه       آمين..
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:
نشفع لكم رسالةً مِن الأخوين بالله: الشّيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف الدعفس والشّيخ وائل بن محمد السهلي، تتعلّق بملاحظتهم على الكتاب المرفق الذي أسماه صاحبه: "مخ العبادة" ونرى احتساب الأجر في مراجعته، والإفادة عن ملاحظاتكم عليه؛ حتى نجري ما يلزم نحوه؛ لأنّ المراقبة لدينا مزحومة بكتب كثيرة لديها، أثابكم الله وجعلنا وإياكم من أنصار الحقّ.. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
الإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوى والإرشاد                                  الرئيس العام

***   ***   ***   ***   ***   ***   ***

*رد الشيخ عبدالرحمن البرّاك -حفظه الله-

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
سماحة شيخنا ووالدنا الشّيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز                                           حفظه الله
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بناءً على خطابكم رقم 767/خ وتاريخ 1/7/1405 هـ المتضمّن توجيه ابنكم بالاطلاع على الكتاب المسمى "بمخ العبادة" والإفادة عن الملاحظات عليه: أفيدُ سماحتكم أنّي راجعتُ الكتاب المذكور فوجدتُه كما ذكر الأخوان "الشّيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف الدعفس، والشيخ وائل بن محمد السهلي" في خطابهما لسماحتكم.
فالكتاب مِن أوّله إلى أخره مجموعةُ أوراد صوفيّة، ومدائح للرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- جلّها منسوب لشيوخ مِن صوفيّة حضرموت: كعبدالله العيدروس، وصاحب الطّريقة "العيدروسية" وأحمد بن محسن الهدار، وعبدالله بن علوي الحداد، وعمر العطاس.
وهذه الأوراد والمدائح مشتملةٌ على كثير مِن التّوسّلات البدعيّة، وألفاظ الشّرك الصّريح مِن الرّبوبيّة والإلهيّة، وأكثرُ ذلك غلوّ بالنّبي -صلّى الله عليه وسلّم-
وقد رأيتُ أن أكتبَ عن هذا الكتاب تقريرًا منفردًا يتضمّن: ذكر بعض نصوصه التي تدلّ على حقيقته، وهو مرفق لكم بخطابي هذا، كما أعدتُ خطاب الأخوين ونسخة الكتاب المذكور، وفّقكم الله وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا. 30/7/1405 هـ
 
ابنكم عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك

***   ***   ***   ***   ***   ***   ***

*مضمون الكتاب

 بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
الموضوع: تقرير عن كتاب

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله وعلى آله وصحبه، أمّا بعد:
فقد اطّلعتُ على الكتاب المسمّى -تدليسًا وتلبيسًا- بـ: "مخ العبادة لأهل السّلوك والإرادة مِن كلام الله ورسولهِ والسّلف الصّالحين القادة" فوجدته مِن كتب الصّوفية الضّالة الملحدة، فهو مجموعةُ أورادٍ صوفيّة وأذكار، وأدعية، وتوسلات بدعيّة، وصلوات على الرّسول، ومدائح فيها إطراءٌ للرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وغلوّ فاحش، يتضمّن وصف النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بخصائص الرّبوبيّة والإلهيّة، وبعبارات هي غاية في التنطّع.
وقد جُعلت بعضُ هذه الصّلوات المخترعة أحزابًا بعدد أيام الأسبوع، كما خُصّص كثيرٌ مِن هذه الأذكار بأوقات وأحوال، وخُصّت بفضائل: كلُّ ذلك افتراءٌ على الله.
ومنها أذكار وصلوات على الرّسول ومدائح، مِن شعر ونثر لم تُقيّد بوقت ولا حال، ومنها "البردة" للبوصيري، وذكرَ بين هذه الأوراد سورًا وآيات وأذكارًا شرعيّة، لم يكن لذكرها مناسبة شرعيّة إلا ما نذر.
ولقد غلا جامعُ هذه الأوراد في تفضيلها وإطالتها، حتى إنّ المتأمّلَ لذلك يدركُ أنّه جعلَ تلاوتها بدلاً مِن تلاوة القرآن، بل أفضل منه.
هذا مجملُ القول في هذا الكتاب، ولمزيد مِن المقصود لمضمونه وإيضاح ما يشتملُ عليه مِن البدع الشّنيعة: أذكرُ جملةَ عناوين ما ورد فيه الأوراد، وأسماءَ مبتدعيها، وبعضَ ما تشملُ عليه مِن الألفاظ القبيحة والشّرك الصريح:
أولا: خطبةُ الكتاب، وفيها أنّ الذّكر "سببٌ موصلٌ إلى كشف الأسرار ومطالعة الغيوب" ويليها في الصفحة /5/: أدعية لثلث الليل الأخير، ومما تضمّنته أسماء الله بصيغة النّداء؛ ويليها أسماء للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بلغت واحدًا ومائتين، أكثرها متكلّف، وبعضها مبتدع، منها: "أحيد، وحيد، إكليل، معلوم، شهيد، مكين، متين، النجم الثاقب، روح القدس"؛ ويليها من الصفحة /12/ إلى الصفحة /78/ سورٌ متفرّقة مِن القرآن، بُدِئت بسورة الكهف.
ثانيا: في الصفحة /79/: دعاء يُقرأ عقب تلاوة القرآن، وهو مجرّب للحفظ، على حدّ زعمه، وهو نظْمٌ فيه توسّلٌ إلى الله بالنّبي وآله وأصحابه.
ثالثاً: في الصفحة /82/: راتب عبدالله بن أبي بكر العيدروس، وهو الملقّب عند صاحب الأوراد بالسّيد القطب شيخ الطريقة العيدروسية؛ ويليها في الصفحة /85/ نفس الطريقة، وهي ذكر مَن خواصه -كما يزعم جامع الأوراد- "جلي ران القلب وصداه" ونصّ الذكر قول: "لا إله إلا الله، ثم: الله الله، ثم: هو هو لا إله إلا الله محمد رسول الله"؛ قال: "يأتي المريد مِن كلّ ذكرٍ مِن الأذكار المادة باثنتي عشرة ألف مرة، وذلك مع ابتداء دخوله في الطريقة، ثم يرتِّبُ على نفسه عدداً بحسب طاقته، وله ثلاث حالات: حالة كمال، فيرتّب على نفسه بثنتي عشرة ألف مِن كلّ ذكر، وحالة وسط: فيرتّبُ على نفسه مائة وعشرين مرة مِن كلّ ذكرٍ، وأدنى الكمال: باثنتي عشرة مرّة مِن كلّ ذكرٍ دُبر كلّ صلاةٍ مفروضة وهو متطهّر مستقبل القبلة.
ثمّ بعد استكمال العدد المذكور مِن الأذكار فيأتي بعد ذلك بالدّعاء المشهور لشيخ الطريقة، وهو: "اللهمّ ثبّت علمها في قلبي، واغفر لي ذنبي، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، والحمدُ لله وسلام على عباده الذين اصطفى، اللهمّ حققني بحقائقها ورقائقها ودقائقها، أحيني عليها يا حي، وأمتني عليها يا مميت، وابعثي عليها يا باعث، إنّك على كل شيء قدير، وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله ربّ العالمين"
رابعاً: في الصفحة /88/: راتب أبي بكر بن عبدالله العيدروس، الملقّب بالسّيد الحبيب الغوث القطب، وهو أذكارٌ ملفّقة، مثلثة، مختومة بتوسّلات بحرمة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- ويليه في الصفحة /89/ قصيدة لصاحب الرّاتب، وصفها جامع الأوراد بأنها مِن الأوراد المشهودة المباركة، وفيها توسّلٌ ولياذ بالرّسول وسائر الأنبياء والمرسلين، وبكلّ المؤمنين، بالقطب العيدروس، ومِن أبياتها قوله:
وبالهــادي توسّلنا ولــذنا                      وكلّ الأنبياء والمرسلينا
وآلهمُ مع الأصحاب جمعًا                      توسّلنــا وكلّ التابعـينا
…الخ
خامسًا: في الصفحة /105/ إلى الصفحة /175/: "كتاب: مجمع اللطائف العرشية في الصّلوات الحبشيّة على يتيمة عقد الجواهر القرشيّة" وهي مِن كلام "علي بن محمد الحبشى العلوي" جمعها خليفته "محمد بن علي عيدروس الحبشي العلوي" وفي مقدمة العلوي الحداد صفحة /106، 107، 108/: "أنّ الصّلاة على الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وهي السّبب الأعظم في استنارة القلوب، وتطهيرها مِن دنسِ الذّنوب، وتأهلها لمطالعة أنوار الغيوب… بل هي الوسيلة العظمى للحصول على المطلوب، والوصول إلى كل محبوب … إلخ"
وفيها وصفَ "محمد بن عيدروسي الحبشي" بروح الأرواح وحياة النّفوس، وفيها وصفَ الرّسولَ -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه الواسطةُ فيما جرت به المشيئة، وهو -صلّى الله عليه وسلّم- الذي عبّروا عنه بـ "يتيمة عقد الجواهر القرشية"
وفي هذه المقدمة أيضًا ما قاله "محمّد بن علي عيدروسي" في وصف شيخه "علي بن محمد الحبشي" وهو من أقبح الكلام وأفحشه؛ لِمَا فيه من الإطراء لشيخه، والعبوديّة له كافة قوله: "محبوبُ الأرواِح والأجسادِ، ومغناطيسُ جذبِ قلوب العباد إلى ما يحبّه الكريمُ الجواد، الإنسانُ الكامل، ومنتهى أمل الآمل، كهفنا مِن كلّ محذور…" إلى أن قال: "جمعها دقه المملوك، وفقيره الصعلوك، الذي هو بركة يقوم ويمشي… إلخ"

وكتابُ "مجمع اللطائف العرشية" يحتوي على سبعة أحزاب، خُصّص كلُّ حزبٍ بيوم مِن أيام الأسبوع، وكلّها صلوات على الرّسول، يشتمل جلّها على تنطّع في مدح الرّسول، يصل إلى وصفه بخصائص الرّبوبيّة والإلهيّة، بل يتضمّن اتّحاد الرّبّ به أو حلوله فيه؛ وهذه نماذج يعتبر بها ما سواها مما اشتملت عليه هذه الأحزاب:
* قال في الصفحة /110/: "اللهمّ صلِّ وسلّم وبارك على نبيّنا محمّد… صلاةً نُشهدك بها مِن مرآته، ونصل بها إلى حضرتك مِن حضرة ذاته، قائمين لك وله بالأدب الوافر، مغمورين منك ومنه بالمدد الباطن والظاهر"
* قال في الصفحة /111/: "… صلاةً نعرجُ بها في مدارج وداده، ونُدرك بها الحظّ الوافر من عنايتك الخاصّة بواسطة إمداده، اللهمّ صل وسلم وبارك على سيّدنا محمّد طور تجلياتك ومَظْهَر أسمائك وصفاتك وذاتك، حائز الشّرف الكامل لديك، والمنادى له بالوحدانية في أوصافه وأفعاله وذاته بين يديك، فهو في الوحدة مَظْهَرُ وحدانيتك، وفي الوجهة قبلة حمدانيتك، قرّبته حيث كان القرب فردا، ثم سردت محاسنه التي خصصته بها على أهل حضرتك سردا، فذُهل الناظرون إلى تلك المحاسن، وأخذ كلّ منها بنصيبه، وبرز صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم يلقي على أهل معاقد العز بعض أسرار حبيبه"
* قال في الصفحة /113/: "اللهمّ صلّ وسلّم على سيدنا محمد، عدد من كلّ ذرة من جزئيات ما في علم الله، صلاة دائمة بدوام ملك الله… اللهمّ بلّغه مِن شريف صلواتي ما يرجح به ميزان حسناتي، وتعود بركات ذاته على ذاتي، وصفاته على صفاتي، وأعماله على أعمالي… حتى يكون مجلا تجلياتي في جميع حالاتي… إلخ"
* قال في الصفحة /116/: "اللهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد خلاصة الجواهر الإنساني، ومستودع سر العلم الفرقاني، وفاتح باب الاتصال الروحاني بالمقام العياني، حياة روح الوجود الخلقي، وسرّ معنى الشهود الحقي… مظهر شؤون علم ما كان وما يكون، وسرّ  ن والقلم وما يسطرون"
* قال في الصفحات /119، 128، 129، 132/: "اللهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد أفضل المخلوقات… لا ترتاح القلوب إلا بذكره، ولا تنتهض الجوارح إلا بوده… الجامع جميع المظاهر، والحائز للسر الأول والآخر والباطن والظاهر… اللهمّ صلّ وسلّم على أشرف نبي، وأكرم رسول، وأجل مَن يرتجى لحصول السؤل… خير عبد فاض مدد على جميع العالمين… اللهمّ صلّ وسلّم على أول قابل للتجلي من الحقيقة… ومظهر فائض النوال العبد الخالص الذي لا يعزب عن حقيقة قول ذي مقال، سيدي رسول الله محمّد بن عبدالله سادن حضرة الجلال".وهذا قليلٌ مِن كثير، ولعلّ ما لم يُذكر أسوأ وأفحش مما ذُكِرَ.
سادسًا: البردة للبوصيري صفحة /272/ وفيها الأبيات المشهورة، وله بعدها في الصفحة /296/ قصيدة أخرى اسمها "المحمديّة" وفيها قوله:
محمّدٌ لمْ يزلْ نورًا مِن القدمِ      محمّدٌ كاشفُ الغمّات والظّلمِ

هذا؛ ونسألُ الله مقلّب القلوب أن يثبّت قلوبنا على دينه، ويعصمنا مِن مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه.

 
أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك