الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على محمد، أما بعد:
فقد تضمَّن هذا البيت الاستنجاد بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لإصلاح أمَّة الإسلام، وعصمتهم من شهواتهم، وذلك ما لا يقدر عليه إلا الله؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قادر في حياته على إصلاح أمته بالدعوة والبيان، وقد نفى الله عنه قدرته على هداية قلوبهم، وهي هداية التوفيق، قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56]، أما بعد موته -صلى الله عليه وسلم- فإنه لا يقدر على هداية البيان، فضلًا عن هداية التوفيق، [1] وعلى هذا فالصواب مع من قال: إن هذا شرك أكبر، والذي تجيزه اللغة هو مجرد الخطاب بالسَّلام ونحوه، كما يقول المسلِّم: السَّلام عليك أيها النبيُّ، أو السَّلام عليك يا رسول الله، استحضارًا لشخصه -صلى الله عليه وسلم-، أي: كأنَّه حاضر.
والبيت المسؤول عنه: مَن قاله من غير استحضار لمعناه، بل جرى على لسانه، وساقه إليه نظم القصيدة؛ فيرجى أن يكون هذا عذرًا له من الحكم عليه بالشرك.
ودعوى المعترض أن هذا يستلزم الحكم على أئمة سابقين بالشرك؛ نقول: هذا يحتاج إلى ذِكر شواهد على قوله، حتى يتأتَّى الحكم فيها.
هذا وقد ردَّ شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- على كاتبة قالت في قصيدة لها نُشرت في إحدى المجلات:
يا رسول الله أدرك عالَما يشعل الحرب ويصلى من لظاها
يا رسول الله أدرك أمة في ظلام الشك قد طال سراها
يا رسول الله أدرك أمة في متاهات الأسى ضاعت رؤاها
فقال شيخنا: إن هذا من أعظم الشرك. [2]
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 11 شوال 1443هـ