الرئيسية/المقالات/تقرير عن صفحات مِن قصة حي بن يقظان لابن طفيل
sharefile-pdf-ofile-pdf-ofile-word-o

تقرير عن صفحات مِن قصة حي بن يقظان لابن طفيل

 

تقرير عن صفحات مِن قصة "حيّ بن يقظان" لابن طفيل

 
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
 
الحمدُ للهِ والصّلاة والسّلام على رسول الله أمّا بعد:
فقد اطّلعتُ على صفحات مُختارَة مِن القصّة المسمّاة "حيّ بن يقظان" لمؤلّفها "ابن طفيل" اختارها بعضُ مَن درس هذه القصّة، فوجدتُ أنّ هذا الفيلسوف الباطني الصّوفي قد ضمّن هذه القصة فكرَهُ الفلسفي الصّوفي، الذي يقوم على القول بالحلول والاتّحاد وقدم العالم، الذي حقيقته إنكارُ وجود الرّب، وإنكار المبدأ والمعاد والنبوّات.
وقد صاغَ هذا الكفر والإلحاد في قصة خياليّة خلط فيها الحقّ بالباطل بأسلوب مضلل يخفي ما تضمّنته هذه القصّة مِن أصول الإلحاد عند الفلاسفة والمتصوّفة، ولكن هذا التّلبيس لا يخفى إلا على مَن كان جاهلًا بأصول الاعتقاد في دين الإسلام، أو كان سطحيًّا لا يفهم دلالات الكلام. 
وإليك إجمالًا لفصول الإلحاد التي تضمّنتها هذه القصّة:
1- أنّ العلم الإلهي يُعرفُ على التّفصيل بمجرّد العقل، وعلى هذا فمَن حصلت له هذه المعرفة فلا يحتاج إلى الأنبياء، وهذا بزعمهم شأن الفيلسوف.
2- أنّ الرَّبّ لا تقوم به أي صفة ذاتيّة ولا فعليّة.
3- أنّ الرَّبّ علّة تامّة بوجود هذا العالم، وأنّ هذا العالم قديم بقدم عِلَّته.
4- أنَّ الرَّبّ -سبحانه وتعالى عن قولهم- يحلّ في الذّوات الرّوحانيّة لتجرّدها عن المادة ويتّحد بها.
5- أنّ الرّوح قديمة، وأنَّ المعادَ وما يتبعُه مِن النّعيم والعذاب روحانيٌّ.
6- أنّ الأنبياء ضربوا لهذه الحقائق أمثالًا وعبرّوا عنها بألفاظ تخييليّة خاطبوا بها الجمهور الذين -بزعم الفلاسفة- لا تستطيع عقولهم معرفة الحقّ على ما هو عليه، فخطبوهم بالتّخييل لتصلح أحوالهم.
7- أنّ الفيلسوف هو الذي يعرفُ الحقَّ في الأمور الإلهيّة، والمبدأ والمعاد، ويعرفُ أنّ المقصود بنصوص الأنبياء التّخييلُ لا الحقيقة.
8- أنّ الكمال البشري يكون بالعزلة التّامة عن أولئك الجمهور مِن النّاس الذين لا يعرفون الأمور على ماهي عليه، وبمقاطعة لذائذ الحياة، وبالفناء في مشاهدة الحقّ -سبحانه- بحيث لا يشهد العارفُ منهم في الوجود إلا الله، وهذا أحد أصول ضلّال المتصوّفة.
 
وسيتبيّن لك ما ذكرَ في هذه الأصول الفلسفيّة الصّوفيّة بِمَا تيسّر مِن تعليقات على بعض نصوص هذه القصّة وما كُتِبَ حولها، وإليك هذه النّصوص والتّعليقات:
1- النّص؛ صفحة (3) سطر (4): "وأدّت به هذه الطّريقة إلى أن يحاول عن سبيل الإشراق الفلسفي الوصولَ الى الاتّحاد الوثيق بالله"
التّعليق: معنى "الاتّحاد" أن يكون الشّيئان شيئًا واحدًا، فالذين يزعمون الاتّحاد بالله يجعلون وجودهم ووجوده واحدًا، وهم صنفان:
أ)- القائلون بالاتّحاد العام؛ وهو أنّ وجود الرّبّ هو وجود كلّ موجود، وهم أصحاب وحدة الوجود.
ب)- القائلون بالاتّحاد الخاص؛ وهو اتّحاد الرّبّ ببعض المخلوقات، كقول بعض النّصارى: "اتّحاد اللاهوت بالنَّاسوت"، وقولِ بعض الصّوفيّة باتّحاد الرَّب ببعض الصّور الجميلة، وقولِ بعض الفلاسفة باتّحاد الرَّب ببعض الذّوات الزّكية -بزعمهم- ذات الصّفاء والإشراق، وهذا هو سبيل ابنُ طفيل، وكلُّ هذه الأنواع ضروبٌ مِن الكفر والإلحاد.
 
2- النّص؛ صفحة (3) السطر (6): "وهذا الاتّحاد هو العلمُ الغزير والسّعادة العليا المتّصلة الخالدة في وقت واحد، ولكي يصل (حيّ) إلى ذلك دخلَ مغارةً وصام أربعين يومًا متوالية".
التّعليق: سبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ، كيف يكون الكفر هو العلم الغزير والسّعادة المتصلة! وبناء على هذا الظّن الفاسد والخيال الباطل صامَ ابنُ طفيل أربعين يومًا في مغارة أملًا أن ينال مرتبة الاتّحاد بالله، فما عبدَ الله ولا انقادَ لشرعه، وإنَّما انقاد لهواه.
 
3- النّص؛ صفحة (5) السطر (19): "وكان هدفه مِن ذلك أن يثبتَ أنّ العقل في مراحل التّقدّم الإنساني قادرٌ عل إدراك الحقّ بالحسّ والعقل آنًا، والذّوق والإشراق آنًا آخر، مستقلًا عن الشّريعة".
التّعليق: هذا اعترافٌ مِن دارس هذه القصّة بأن "ابن طفيل" يرى قدرة العقل على معرفة الحقّ كاملًا مستقلًا عن الشّريعة، وهذا يعني عدم الحاجة الى رسالات الأنبياء.
 
4- النّص؛ صفحة (7) السطر (1-10): "في هذه الفكرة الأدبيّة ذات الحيويّة المتّصلة … أن يخلق منها أثرًا مِن أعظم ما أطلعته العصور الوسطى".
التّعليق: هذا مِن الثّناء على الباطل بالباطل، المُنبئ عن الجهل والضّلال أو الزّندقة والإلحاد، فليست هذه القصّة مِن أعظم ما أطلعته العصور الوسطى كما قال "أحمد أمين"؛ بل مِن أفظع ما أطلعته العصورُ الوسطى إلحادًا وإفسادًا وتلبيسًا وتضليلًا.
 
5- النّص؛ الصفحة (7) السطر (3): "هذا وقد وردت فكرةُ الفيلسوف المتوحّد في كتابات "ابن سينا وابن باجة" وقد وجد "ابنُ طفيل" فيها كذلك وسيلة تتفقُ مع تفكيره اتّفاقًا بديعًا … أفكاره"
التّعليق: هذا يقتضي أن ابن طفيل مِن شيعة ابن سينا؛ مِن الملاحدة الباطنيّة.
 
6- النّص؛ الصفحة (9) السطر (4): "أسطورة السّلف -ذكر سلفنا الصّالح رضي الله عنهم-"
التعليق: لا يخلو؛ إما أن يريد بالسّلف الصالح ما يعنيه المسلمون، وهم "الصّحابة والتّابعون" فيكون ذلك منه على وجه السّخرية والاستهزاء، وإما أن يريد بهم سلفه مِن الفلاسفة الملاحدة وهم مِن أبعد النّاس عن الصّلاح، والاحتمال الأول عندي أرجح.
 
7- النّص؛ الصفحة (9) السطر (5): "أن جزيرة مِن جزر الهند التي تحت خط الاستواء يتوالد بها الإنسان مِن غير أم ولا أب، وبها شجر يثمر نساء لأنّها أعدل بقاع الأرض هواء وأتمّها لشروق النّور الأعلى عليها استعدادًا".
التّعليق: في هذا التّخيل تعريض بالتّكذيب بخلق آدم -عليه السّلام- مِن تراب، وبالجنة التي فيها الحور العين، وتقرير لنظريّة الإشراق عند الصّوفية.
 
8- النّص؛ الصفحة (24-25) السطر (18): "وكان يحكم بأن الرّوح الذي لجميع ذلك النّوع شيء واحد … وإنّما عرض له التكثر بوجه ما".
التّعليق: هذا صريح بالقول بوحدة الأرواح، فجميع الأرواح على حد هذا الزّعم شيء واحد، كما زعم مثل ذلك في الأجسام /ص27سطر20/: "فكان يرى أن الأجسام كلّها شيء واحد حيّها وجمادها ومتحرّكها وساكنها". وهي خطوة للقول بوحدة الوجود كما في /ص28سطر4/: "فكانَ بهذا الطّريق يرى الوجود كلّه شيئًا واحدًا". ويتّصل بهذا قوله بوحدة هذا العالم بالفلك كما في /ص34/: "فلمّا انتهى إلى هذه المعرفة … كما يتكوّن في العالم الأكبر".
 
9- النّص؛ الصفحة (31) السطر (4): "فتبيّن له أن الأفعال الصّادرة عنها ليست في الحقيقة لها، وإنّما هي لفاعل يفعل بها الأفعال المنسوبة إليها".
التّعليق: في هذه الجملة تسمية "الله" بالعلّة الأولى، ونسبة جميع أفعال الرّوح التي تفعلها في الأبدان وبالأبدان إلى ربّ الأكوان الذي سمّوه "العلّة الأولى" سبحانه وتعالى عن قولهم، وهذا يتضمّن الجبر أو الاتّحاد، والثّاني هو المناسب لفلسفة ابن طفيل.
 
10- النّص؛ الصفحة (37) السطر (13): "فالواجبُ على ذلك أن تكون القوّة التي تحرّكه ليست في جسمه ولافي جسم خارج عنه، فهي إذن شيء بريء عن الأجسام، وغير موصوف بشيء من أوصاف الجسميّة".
التّعليق: هذا مِن مقولات الفلاسفة والمتكلّمين المشهورة، وهو نفي الجسميّة عن الله، وهم -بقطع النّظر عن شرعيّة إطلاق لفظ "الجسم" على الله وعدم إطلاقه- يدرجون تحته نفي جميع الصّفات، ومثل هذا في الصفحة /40-41/ السطر /15/ وما بعده: "وقد تبيّن أنّ هذا الموجود الواجب الوجود بريء مِن صفات الأجسام مِن جميع الجهات، فإذن لا سبيل إلى إدراكه إلا بشيء ليس بجسم، … ولا تعلّق له بوجه مِن الوجوه بالأجسام، ولا هو داخل فيها ولا خارج عنها، … لا يجوز عليه شيء مِن صفات الأجسام، … الذي أدرك به الموجود المطلق الواجب الوجود".
 
11- النّص؛ (38) السطر (41): "ومتأخر عنه بالذّات وان كانت غير متأخّرة بالزّمان فكذلك العالم كلّه معلول ومخلوق لهذا الفاعل بغير زمان"
التّعليق: هذا النّص يتضمّن أصلًا مِن أصول الفلاسفة الملاحدة؛ وهو القول بقِدم العالم، وحقيقته أن وجود العالم مقارِن لوجود الرَّب في الزّمان، وهذا معنى قوله: "وإن كانت غير متأخرة بالزّمان" وهذا راجع إلى قولهم في الرَّب بأنّه علّة تامّة، وأن العالم صدرَ عنه صدور المعلول عن العلّة التّامة، فهو -بزعمهم- صادر عنه بغير مشيئة ولا اختيار، وقولهم "إنّه مفعول ومخلوق" تناقضٌ منهم أو تلبيس منهم وتضليل لمداراة المسلمين.
 
12- النّص؛ الصفحة (41) السطر (10): "وجعل يتفكّر … فرأى أن الفساد والاضمحلال إنّما هو مِن صفات الأجسام بأن تخلع صورة وتلبس أخرى … فلا يتصوّر فساده البتّة … أن ذاته الحقيقية لا يمكن فسادها".
التّعليق: هذا النّص يتضمّن أمرين كلاهما مِن أبطل الباطل، وهما مبنيان على قول ملاحدة الفلاسفة في المبدأ والمعاد؛ أحدهما: أنّ الرّوح لا تقبل الفساد، أي أنها دائمة البقاء، وهذا يقتضي أنها قديمة لأن ما لا يقبل العدم فلابدّ أن يكون واجب الوجود، وواجبُ الوجود لا يكون إلا قديمًا، والثاني: أن الرّوح تنتقل مِن جسم إلى جسم، ومِن صورة إلى صورة، وهذا هو القول بتناسخ الأرواح، وهو مذهب التّناسخيّة مُنكري الميعاد.
 
13- النّص؛ الصفحة (42) السطر (15): "فإن كان في الأشياء شيءٌ لا نهاية لكماله ولا غاية لحسنه وبهائه فمَن فقدَ إدراك ذلك الشّيء بعد أن تعرّف به فلا محالة أنه مادام فاقدًا له يكون في آلام لا نهاية لها، كما أن مَن كان مدركًا له على الدّوام فإنه يكون في لذة لا انفصام لها وغبطة لا غاية وراءها وبهجة وسرور لا نهاية لهما".
التّعليق: يعنون "بالشّيء" ربّ العالمين الذي لا حقيقة لوجوده عندهم إلا في الذّهن، فوجوده علميّ لا عينيّ، وما اشتمل عليه النّصّ مِن تمجيد تلبيس وتضليل وتناقض، وهو نظير ما ورد الصفحة (43) فإن هذا التّمجيد لا يستحقه الرَّبّ الذي هو عند الفلاسفة لا تقوم به أي صفة ثبوتيّة لأن ما هذا شأنه لا حقيقة له، فضلًا أن تكون معرفته نعيمًا، والإعراض عنه شقاء.
 
14- النّص؛ الصفحة (42-43) السّطر الأخير: "أنّ الموجود الواجب الوجود متّصف بأوصاف الكمال كلّها، ومنزّه عن صفات النّقص، وبريء منها".
التّعليق: هذا عين التّلبيس والكذب الذي يلبس به أولئك الملاحدة على مَن لا يعرف حقيقة أمرهم، فإن حقيقة اعتقادهم في ربّ العالمين الذي يسمّونه "واجب الوجود والعلّة الأولى" أنّه لا يوجد إلّا في الذّهن، فإنه -على قولهم- لا يُدرك إلا بالعقل، فلا يُسمَع ولا يُرى، ولا هو متّصلٌ بهذا العالم ولا منفصل عنه، وهذا صفة المعدوم، وذلك كما في الصفحة (37-38، 40-41): "وصحّ له على الوجهين جميعًا وجود فاعل؛ غير جسم، ولا متّصل بجسم، ولا منفصل عنه، ولا داخل فيه، ولا خارج عنه، إذ الاتصال والانفصال والدّخول والخروج هي كلّها مِن صفات الأجسام وهو منزّه عنها". "وقد تبيّن أن هذا الموجود … بريء مِن صفات الأجسام مِن جميع الجهات، فإذن لا سبيل إلى إدراكه إلا بشيء ليس بجسم، وهو قوة في جسم ولا تعلق له بوجه مِن الوجوه بالأجسام، ولا هو داخل فيها ولا خارج عنها … لا يجوز عليه شيء مِن صفات الأجسام…المطلق الواجب الوجود".
 
15- النّص؛ الصفحة (43) من السطر (4) حتى السطر (18): "فإنّه إذا اطرح البدن بالموت … المشاهدة مِن الكدر والشوائب".
التّعليق: في هذا النّص تقرير لأمر المعاد عند أولئك الملاحدة والفلاسفة، فقد ذكر فيه أن الرّوح بعد فراقها للبدن إما أن تكون مهملة لا تُعذّب ولا تُنعّم، وإمّا أن تكون في عذاب، وإمّا أن تكون في نعيم، وما النعيم والعذاب بجنّة ولا نار؛ وإنّما هو شوق وحرمان أو لذة لمواصلة المشاهدة لواجب الوجود كما يزعمون، وكلّ هذا روحانيّ ليس للحسّ فيه نصيب، وحقيقة هذا إنكار البعث والنّشور والجنّة والنّار، وغير ذلك مما أخبرت به الرّسلُ صلوات الله وسلامه عليهم.
 
16- النّص؛ الصفحة (43) السطر (14): "والتزم الفكرة في جلاله وحسنه وبهائه".
التّعليق: هذا مِن التّضليل الذي يُردده مَن صاغ هذه القصة.
 
17- النّص؛ الصفحة (43) السطر (19): "5- غبطة المشاهدة :- "
التّعليق: ما تحت هذا العنوان مسلك صوفيّ، مضمونه الانقطاع عن شؤون الحياة والانشغال بالفكر في الإله الحقّ بلا شرع مُنزل يستند إليه، وهذا هو التّدين الباطل الذي لم يأذن به الله.
 
18- النّص؛ الصفحة (44) السطر (16): "على أمر ليس مِن شأنه أن يلفظ به"
التّعليق: ما الشّيء الذي مِن شأنه أن لا يلفظ به؟ إن كان هو "الله" كما هو الظّاهر: فلا يصحّ هذا الزّعم، فإنّه -سبحانه- قد تكلّم بأسمائه وتكلّمت رسلُه بذلك، وعرّفوا العبادَ بربّهم بألفاظ يعقلونها، مع الإيمان بأنّه -تعالى- ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير.
 
19- النّص؛ الصفحة (44) السطر (18): "إنه لَمَّا فنيَ عن ذاته … ولم يرَ في الوجود إلّا الواحد القيّوم … أنّه لا ذات له يغاير بها ذات الحقّ، وأن حقيقة ذاته هي ذات الحقّ".
التّعليق: هذا صريح في القول بوحدة الوجود الذي هو مذهب ملاحدة الصّوفية الاتحاديّة، الذين يرونَ وجود الرَّب هو عين وجود كلّ موجود، وهو يجمع أنواعًا مِن الكفر، فلذلك كانوا أكفر مِن اليهود والنّصارى.
 
20- النّص، الصفحة (45) السطر (6): "لا تتكثّر بوجه مِن الوجوه"
التّعليق: تحت هذه الجملة نفي الصّفات الذّاتيّة والفعليّة عن الرَّب تعالى، فتحتُها التّعطيلُ
المحض، فإنّ قيام الصّفات بالرَّب وتعدادها تكثرّ يجب نفيه عن الله في مذهب أولئك الملاحدة.
 
21- النّص؛ الصفحة (45) السطر الأخير: "إنّه بعد الاستغراق المحض، والفناء التّام وحقيقة الوصول…".
التّعليق: "الاستغراق والفناء بالحقّ عن شهود السِّواء" مصطلحات صوفيّة بدعيّة، وفي هذا ما يدلّ على الخلط في هذه القصة بين الفلسفة والتّصوّف.
 
22- النّص؛ الصفحة (46) السّطر الأول: "شاهد للفلك الأعلى الذي لا جسم له، ورأى ذاتًا بريئة عن المادة ليست هي ذات الواحد الحقّ ولا هي نفس الفلك ولاهي غيرهما، وكأنّهما صورة الشّمس التي تظهر في مرآة مِن المرائي الصقيلة، فإنّها ليست هي الشّمس ولا المرآة ولا هي غيرهما، ورأى لذات ذلك الفلك المفارقة مِن الكمال والبهاء والحسن ما يعظم على أن يوصف بلسان، ويدقّ عن أن يُكسى بحرف أو صوت".
التّعليق: في هذا النّص عدد مِن المغالطات والمنكرات:
 تشبيه الفلك بذات الحقّ في أن كلّاً منهما ليس بجسم.
دعوى أن الفلك ذاتًا بريئة عن المادة ليست هي ذات الواحد الحقّ، ولا هي نفس الفلك، ولا هي غيرها، وهذا ممتنع في العقل، وتمثيله بصورة الشّمس باطل؛ فإنّ صورة الشّمس في المرآة هي غير الشّمس وغير المرآة فإنّ الصّورة غير الحقيقة.
وصفُ ذات الفلك -هذه الذّات المزعومة- بما قد وصفَ به ربّ العالمين مِن الحسن والبهاء والكمال الذي لا يمكن أن يوصف بلسان، وهذا تشبيه لذات الفلك بذات الحقّ وهو تشبيه غير التّشبيه الأول.
 
23- النّص؛ الصفحة (46) السطر (9): "جلّ جلاله"
التّعليق: هذه مِن كلمات التّلبيس والتّضليل؛ لأنّها صادرة عمّن هو مِن أعظم النّاس تنقّصًا لربّ العالمين بنفي جميع صفات الكمال، ونفي كلّ ما يدلّ على وجوده إلا في الأذهان.
 
24- النّص؛ الصفحة (61) السطر (12): "إنّ أحكام الشّريعة متّفقة مع حقائق العلم، وإنّ الشّريعة تجتمع والفلسفة في وحدة جوهريّة؛ وعليه فالأبطال الثّلاثة متّفقون في الحقّ والتّعاليم الثّلاثة منسجمة في الجوهر".
التّعليق: ما ادّعاه "اليازجي" مِن اتّفاق أحكام الشّريعة مع حقائق العلم، واجتماع الشّريعة والفلسفة: هو ما رامه ابنُ سينا وشيعتُه مِن الفلاسفة المنتسبين للإسلام، وقد رامَ مستحيلاً إذ كيف يجتمع الضّدان أو يتّفق النّقيضان! فإنّ الشّريعة التي جاءت بها الرّسل نقيضُ فلسفة ابن سينا واتباعه، فالرّسالات كلّها تقرر حدوث العالم وقيام صفات الكمال بذات الرَّب سبحانه، وبعث الأجساد في المعاد، وفلسفة ابن سينا لا تقرّ بشيء مِن ذلك.
 
25- النّص؛ الصفحة (61) السطر (18): "فإذا بهذه المحاولة: فتح فلسفي فريد، وخلق أدبي رائع، لأنّها جمعت بين دقّة العلم ولطف الذّوق وبراعة التّعليل وروعة الخيال".
التّعليق: هذه العبارات المدبجة تدلّ على أن قائلها "كمال اليازجي" مِن شيعة القوم الفلاسفة الملحدين، يعتقد ما يعتقدون، ويقول ما يقولون، وهذا هو الأغلب على الظّن، أو هو مِن المخدوعين بالقصص والخيال وبراعة التعبير، فحظّه مِن هذه القصة القشور، وهي خير مِن اللباب، فإنّ لبابها السّم المستور.
ومما تقدّم يتبيّن أن قصة "حي بن يقظان" لِمَا اشتملت عليه مِن أصول الكفر لا يحلّ نشرها، فضلًا أن تُجعل في أيدي الطّلاب والطّالبات كتابًا دراسيًّا للمطالعة والثّقافة أو نصًّا أدبيًّا، فإن في ذلك دعوة إلى الإلحاد وتعظيمًا للملحدين، ومَن يفعل شيئًا مِن ذلك فهو داعٍ إلى ما فيها مِن الباطل مِن حيث يشعر أو لا يشعر، فليتّقِ الله مَن كان مسؤولًا عن التّعليم، لا يكن سببًا في إضلال أبناء وبنات المسلمين، بل حقّ عليه أن يكون ساعيًا فيما فيه سلامة دينهم وأخلاقهم، وما فيه صيانة عقولهم مِن كلّ فكرٍ يُناقض عقيدة الإسلام.
 
ويحسنُ في ختام هذا التّقرير ذكْرُ كلامٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية، جمع فيه بين ابن طفيل وابن عربي وابن سبعين ونحوهما مِن شيوخ الاتّحادية الملاحدة، قال -رحمه الله- في كتابه "درء تعرض العقل والنقل" الجزء الأول صفحة (1): "… وملاحدةُ الصّوفية الخارجين عن طريقة المشايخ المتقدّمين مِن أهل الكتاب والسّنّة كابن عربي وابن سبعين وابن الطفيل صاحب رسالة (حي بن يقظان) وخلق كثير غير هؤلاء"
وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أملاه:
عبد الرحمن بن ناصر البراك