الحمدُ لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أمَّا بعد:
فقد قرأتُ قصيدةً نُشرت في صحيفة "البلاد" يوم الجمعة 21/ذي القعدة/1431 هـ للدُّكتور "عبدالعزيز محي الدِّين خوجه" وزير الإعلام، وفَّقه الله لهداه، وعنوانها "في حضرة النّور"، وموضوعُ القصيدة موضوعٌ عظيمٌ؛ إذ يعرضُ لبعض سيرة نبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُعلي مِن شأنه العالي عليه الصَّلاة والسَّلامُ، ونحسبُ أن دافعه محبَّةٌ صادقةٌ لنبيّ الهدى عليه الصَّلاة والسَّلام، وهذا شأن جديرٌ بالإشادة ولاسيما مِن مثل الوزير، لو راعى فيه -وفَّقه الله- العقيدة الإسلاميَّة، وحرصَ على اطراح ما قد يخدشها، بيدَ أنَّ معارضة كاتبها "للبوصيري" في "بردته" أو مَن نحى نحوها، أوقعه فيما وقعَ فيه كثيرٌ ممن عارضها مِن الغلو، ومِن ذلك ما يأتي:
أولًا:
قوله: يا خيرَ مرتغبٍ في الحشرِ نأملهُ ** يومَ القيامةِ حسبي خيرَ معتصمِ
يقصدُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كما يدلّ عليه سياقُ الأبيات، وخيرُ مرتغبٍ في ذلك اليوم العظيم هو الله العليُّ العظيمُ؛ وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمًا [طه: 111] ودعوى الرّسل يومئذِ: (اللهم سلِّم سلِّم) كما في الصَّحيحين وغيرهما، فلا يجوز أن يدَّعي أحدٌ أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- خيرُ مرتغبٍ في ذلك اليوم، فاللهُ خيرٌ وأبقى، واللهُ تعالى هو الذي يلهمُ قلبَه الشَّفاعة الخاصة لِمَن أذنَ له ورضي عنه، فالفضلُ فضلُه تعالى، وكثيرٌ مِن عباد الله المؤمنين يدخلون الجنَّة بغير شفاعةٍ، بل بفضلِ الله ورحمته، بل بعضُ هؤلاء يشفعون، أما الشَّفاعة العامة لفصل القضاء: فيستوي فيها المسلمُ والكافرُ، والبرُّ والفاجرُ، فعلِّق قلبكَ يا عبدالله بالله تعالى الذي خلقكَ وأولى عليكَ نعمه، واسأله الجنَّة بغير حساب ولا عقاب، وجد في العملِ الذي يقرّبكَ منه باتِّباع أمره واجتناب نهيه، وتحكيم كتابه في سائر عملكِ، وما لكَ ولاية عليه، والله غفور رحيم.
أمَّا مَن عصى وغوى والتفتَ بعد ذلك لغير الله، فيُخشى أن يصرفَ الله تعالى قلبَ نبيّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن الشَّفاعة له، وقد صحَّ عنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: (تَرِدُ عليّ أمَّتي الحوضَ، وأنا أذودُ النَّاسَ عنهُ كما يذودُ الرَّجلُ إبلَ الرَّجلِ عن إبلهِ، قالوا: يا نبيَّ الله أتعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيمَا ليستْ لأحدٍ غيركم، تَرِدونَ عليَّ غُرًّا مُحجَّلين مِن آثارِ الوضوء).
ثم قال: (وليُصدَّنَّ عنّي طائفةٌ منكم فلا يصلونَ، فأقولُ: يا ربِّ هؤلاءِ مِن أصحابي، فيُقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدكَ)، وفي حديث آخر قال: (فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:117-118].
فنحذِّرُ مِن الإحداثِ إنْ كنَّا نرجو أنْ ننهلَ مِن حوضهِ أو ننالَ شفاعته، ولنتَّبعَ سنَّته صلَّى الله عليه وسلَّم.
ثانيًا:
مما نظمهُ الدكتورُ وفيه غلو قوله:
والنّورُ طه نـبيُّ مَن يلوذُ به ** يلقى شفاعتهُ في صــدّ مقتحــمِ
ما ردَّ طه البرايا إنْ هم طلبوا ** تخفيفَ أوزارهم مِن واسعِ الكرمِ
ويقالُ فيه ما قد قيلَ فيما قبله؛ أمَّا الشَّفاعة الكبرى فتنالُ جميعَ أهل الموقف، وأمَّا الشَّفاعة في المؤمنين، فشرطها رضا الله عن المشفوع له، والإذن للشَّافع فيها، كما قال الله تعالى: وَكَم مِّن مَّلَك فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ [النجم: 26]، وقال: وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ [الأنبياء: 28]. فمَن لاذَ بمحمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- في ذلك اليوم قد يلقى الشَّفاعة وقد لا يلقاها، بل قد يصدّ مِن شربة ماء كما جاء في الحديث المتقدِّم، وكيفَ يقال: ما ردَّ النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- البرايا، وقد قال لأقوام أحدثوا: (سحقًا سحقًا بعدًا بعدًا).
ثم إنَّ تخفيفَ الأوزارِ ليسَ إلى أحدٍ غير الله عزَّ وجل، قال الله تعالى: وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ [آل عمران: 135]، ومِن حديث الصّديق -رضي الله عنه- أنَّه قال لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: علمّني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: (قل: اللهم إنّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفرُ الذّنوبَ إلّا أنتَ، فاغفرْ لي مغفرةً مِن عندكَ، وارحمني إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ) متَّفقٌ عليه، وفي سيّد الاستغفار الثَّابت في صحيح البخاري قوله: (أبوءُ لكَ بنعمتكِ عليَّ وأبوءُ بذنبي فاغفرْ لي فإنَّه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلّا أنتَ).
فالنَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يُخفِّفُ الأوزارَ كما قال الدكتور؛ بل ذلك إلى الله وحده، وإنَّما يشفعُ في تخفيفها أو منع عقوبتها، وهذه الشَّفاعة ليست مختصَّة به عليه الصَّلاة والسَّلام وإن كانَ له منها أكملُ الحظّ والنَّصيب، بل تشفعُ في ذلك الملائكةُ، كما يشفعُ في ذلك النَّبيون، والصّديقون، ومَن أذنَ الله لهم مِن الصَّالحين، عمَّن رضي الله الشَّفاعة لهم.
ثم إنَّ قوله: "ما ردَّ طه البرايا" مع ما فيه مِن تسمية النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بِمَا لم يثبت، فهو رجمٌ بالغيبِ، فواسعُ الكرم قد يردُّ مَن ليسَ أهلًا للكرامة، وقد يكونُ ذلك هو الحزمُ الذي يُحمدُ عليه، بل قد يكون إكرامُ بعض النَّاس مِن العقوق أو اللؤم، ولو أقذعَ رجلٌ لوالدي رجلٍ كريمٍ لـَمَا كانَ مِن الكرم أن يُكرمه وهو يقذعُ لأبويه الشَّتم، واللهُ تعالى يُعذّب بعضَ عبادهِ قصاصًا أو جزاءً على الإساءة، وهو أوسعُ فضلًا وكرمًا مِن العالمين عدلًا منه عزَّ وجلَّ، ولهذا أيضًا ردَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- شفاعة مَن شفعَ في بعضِ حدودِ الله، وكانَ مِن أحبِّ النَّاس إليه، ولمَّا فتحَ مكة لم يكن مِن الكرم أن يعصمَ دم "ابن خطل" وقد تعلَّق بأستار الكعبة عائذًا كما في الصَّحيحين، بل قال: (اقتلوه)، ولما جاءَ كعبُ بن مالك وصاحباه -في خبرِ الثَّلاثة الذين خلفوا- مُقرّين بالذَّنب معتذرين تائبين؛ ما قَبِلَ منهم -صلَّى الله عليه وسلَّم- حتى نزلَ عليه الوحيُ بتوبة الله عليهم.
ثالثًا:
مما قاله الدكتورُ في نظمه:
فكنتَ أوَّلَ خلقِ الله قاطبةً ** مَن هلَّ بالنّور في الأفلاكِ والسّدمِ
وهذا قولٌ باطلٌ، جاءت فيه آثارٌ ما بين واهية وموضوعة، لا يحلُّ الاحتجاجُ بها، ومِن جيد ما قاله الدكتور يوسف القرضاوي في ردِّه على القائلين بهذا القول ما نصه: "هذا كلامٌ لم يصحّ به نقلٌ، ولا يقرّه عقلٌ، ولا ينتصرُ له دينٌ، ولا تنهضُ به دنيا.. فأوَّليته -عليه السَّلام- لخلقِ الله لم تثبتْ، ولو ثبتتْ ما كانَ لها أثرًا في أفضليَّته -عليه الصَّلاة والسَّلام- ومكانه عند الله، وحينما مدحهُ اللهُ تعالى في كتابهِ مدحهُ بمناطِ الفضلِ الحقيقي فقال: وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم [القلم: 4]" إلى آخر ما قال.
وقد بنتْ عليه غلاةُ الصّوفية عقيدةً مِن أفسدِ العقائد، فنصًّ ابنُ عربي كما في "الفتوحات المكية" (1/152) مستندًا للآثار الواهيات الموضوعات على أوَّلية النُّور المحمَّدي، وقالَ في معرضِ ذلك: "بدء الخلق هباء، وأوَّل موجودٍ فيه الحقيقةِ المحمَّديَّة الرَّحمانيَّة الموصوفة بالاستواءِ على العرشِ الرَّحماني، وهو العرشُ الإلهي"، وقد أوضح هذه العبارات "القاشاني" شارح "فصوص الحكم"، وقرَّر أنَّ النَّبيَّ هو قبةُ الكون، وهو أوَّل الوجودِ، وأنَّه جزءٌ مِن نور الله، تعالى الله عمَّا يقولُ الظَّالمون علوًّا كبيرًا، والدكتورُ لا نحسبهُ يقول بهذه الأقوال، ولكنَّ الأخذَ بالموضوعات في شأنِ ابتداءِ أمر خلقهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن نورٍ قبلَ الكائنات، كانَ ممَّا مهَّدَ لقبولِ تلك العقائد الفاسدة.
قالَ شيخُ الإسلام في (الفتاوى 2/238): "وما يُروى في هذا البابِ مِن الأحاديثِ هو مِن هذا الجنسِ مثل كونه كانَ نورًا يسبحُ حولَ العرشِ، أو كوكبًا يطلعُ في السَّماءِ، ونحو ذلكَ كما ذكره ابن حمويه، صاحبُ ابن عربي، وذكرَ بعضهُ عمر الملا في وسيلة المتعبّدين، وابن سبعين وأمثالهم ممّن يروي الموضوعات المكذوبات باتّفاق أهل المعرفة بالحديث، فإنَّ هذا المعنى رووا فيه أحاديث كلّها كذب حتى إنَّه اجتمعَ بي قديمًا شيخٌ معظَّم مِن أصحاب ابن حمويه، يسمّيه أصحابه "سلطان الأقطاب"، وتفاوضنا في كتاب "الفصوصِ" وكانَ معظَّمًا له ولصاحبه، حتى أبديتُ له بعضَ ما فيه، فهالهُ ذلك، وأخذَ يذكر مثل هذه الأحاديث فبيَّنتُ له أن هذا كلّه كذب". والله -عزَّ وجل- قد بيَّن أنَّه خلقَ آدم عليه السَّلام مِن طين: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة: 8]، فمحمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن نسلِ آدم، وجميعُ نسلِ آدم كلُّهم مِن سلالةٍ مِن ماءٍ مهين، أمَّا كونه -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد النُّبوَّة نورًا فبِمَا أوحى الله إليه مِن الهدى، قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ[المائدة: 15]، فسمَّاه الله "نورًا" لأنَّ الله جعله هاديًا ِبَما أوحى إليه مِن الهدى، كما قال في الآية الأخرى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب: 45-46].
فهو -عليه الصَّلاة والسَّلام- السّراجُ المنيرُ، وهو نورٌ لِمَا أعطاهُ اللهُ مِن القرآن والسُّنَّة، فإنَّ الله أنارَ بهما الطَّريقَ، وأوضحَ بهما الصّراط المستقيم، وهدى بهما الأمَّة إلى الخير، فهو نورٌ وجاءَ بالنُّور عليه الصَّلاة والسَّلام، وليس معناه أنَّه خُلِقَ مِن نور، بل مِن ماءٍ، ثم مضغة، ثم علقة، إلى أن صار بشرًا سويًّا مِن لحمٍ ودمٍ، يدمى ويفصد ويحجم، كما قال الله: قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا [الإسراء:93].
رابعًا:
ممَّا قاله الدكتورُ وقد تجاوز فيه:
ببابِ جاهكَ لاذتْ روحُنا وبكتْ ** إنَّ الدّمـوعَ حديثُ العابدِ الكلمِ
إليكَ أشكو وصايا الغدرِ في زمني ** وبعضُ شكواي جرحٌ نازفُ الحممِ
وذلك أنَّ جاه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم -وهو عند الله عظيم- لا يجوزُ أن يُلاذَ به، فاللواذُ بالشَّيء الالتجاءُ إليه والاستغاثةُ به، فمَن استغاثَ بجاه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقد استغاثَ بغير الله، ومَن التجأ إلى جاه رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يكن ذلك بملجأ له، فجاهُ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- دالٌّ على مكانه وفضله عند ربِّه، لكنَّه كالحرم لا يعيذُ عاصيًا ولا فارًّا بدمٍ ولا فارًّا بخربة.
ورسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يرضى أن يحتمي بجاهه مَن لا يستحقُّ الأمنَ مِن عذاب الله، كما أنَّ الملكَ أو الكبير لا يرضى أن يستغلَّ أحدٌ جاهه في تحصيلِ بعضِ مبتغاه مِن جليل أو كبير، ولو جاءَ رجلٌ فقالَ لمسؤول: بجاه الملك، أو أنا ملتجئ لجاه الملك افعل لي كذا، لكانَ مستحقًّا للعقوبة إذ سألَ بشيءٍ ليس له، ولم يعلم أنَّه أعطي حقّ السُّؤال به، ولا ينفعُ الرَّجلَ أن يقولَ عند ملكٍ مِن الملوكِ: أسألكَ بجاه فلانٍ أو ألتجئُ إلى جاه فلانٍ إلاّ فعلتَ لي كذا وكذا، فجاهُ فلانٍ إنَّما ينفعُ فلانًا، ومَن رضي عنه وشفع له.
فاللواذُ بجاه نبيِّنا محمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- إمَّا استغاثة به شركيَّة، وإمَّا ضربٌ مِن التَّعدي على حقِّه، وهذا خلافُ الأدب معه صلَّى الله عليه وسلَّم.
ثم قوله: "إليك أشكو" وله نظائر أخرى في النَّظم؛ مِن الشّكاية لغير الله تعالى، ونوعٌ مِن طلبِ شفاعته -صلَّى الله عليه وسلَّم- منه بعد موته عليه السَّلام، وقد صرَّحَ النَّاظمُ بهذا في أبيات أخرى؛ وكلُّ هذا ينافي كمالَ التَّوحيد الواجب، فدعاءُ الميت الغائبِ شركٌ، وطلبُ الدُّعاء منه أو الشَّفاعة بدعةٌ لم يفعلها أحرصُ هذه الأمَّةِ على الخيرِ في أحلكِ الظُّروف التي مرَّت بهم، هذا لو أمكنَ سماعه أو احتمل، فكيف إذا كانَ المنادي ينادي مِن مكانٍ بعيدٍ لا يسمعهُ فيه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لو كان حيُّا بين أظهرنا.
أخيرًا:
على نظمِ الدُّكتور -وفقه الله لهداه- مآخذُ أخرى؛ كذكره لأخبارٍ واهيةٍ، وتعلّقه بأحاديث لم تثبت، لكن فوقَ ذلك ما سبق التَّنبيه عليه، أسألُ الله أن ينفعَه بَّما سطَّرَ، وأن يفتحَ له قلبه، وأن يأجره على حسنِ قصده، وعلى ما تضمَّنته أبياتُه مِن دعوة لمعاني طيبةٍ مِن أجلَّها تحكيمُ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما شجرَ، ونفيه الإيمانَ عمَّن لم يرضَ بحكمِ الله، ودعوتُه لاتِّباع شريعة نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم، وكلُّ هذه معانٍ عظيمة يوافقُ عليها، وقد أحسنَ في الدَّعوة إليها، وأسألُ الله أن يوفِّقه لالتزامها، ولاسيما في وزارته، وأن يعينه على ذلك، كما أسألُه سبحانه أن يتجاوزَ عن زللنا، ويغفرَ لنا خطأنا وعمدنا، والحمدُ لله أولًا وأخيرًا، وصلَّى الله على محمدَّ وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
حُرِّرَ في: 25/ذي القعدة/1431 هـ