إنكار فتنة الإختلاط
الحمدُ لله وحده، وصلّى الله وسلّم على مَن لا نبي بعده، أمّا بعد:
فقد كَثُرَ الجدلُ بين الكتّاب والدّعاة والعلماء -في السّنوات الماضية القريبة- في قضية اجتماعيّة دينيّة أخلاقيّة، وهي كُليَّة مِن حيث ارتباطها بالمجتمع كافة، وهي: قضيةُ الاختلاط بين النّساء والرّجال في مجال العمل والتّعليم وغير ذلك؛ فمِن محلِّلٍ ومحرِّمٍ.
وخاض في ذلك تحليلاً مَن ليس مِن أهل العلم مِن العصرانيين والمستغربين، وجاراهم -غلطًا أو مغالطة- مَن هو مُنتسب للعلم والعلماء، مما كانَ شبهةً لأصحاب الأهواء؛ وبسبب ذلك نُشرت فتاوى العلماء -قديمًا وحديثًا- بتحريم الاختلاط، وأُلّف في ذلك مؤلّفات، وذُكرت مفاسدُ ذلك الاختلاط ودوافعه: فقامت الحجّةُ وحصلَ الإعذار في ذلك الوقت.
وقد هدأت عاصفةُ الجدل في هذا المنكر، وما دام المنكرُ قائمًا ويزداد انتشارًا وتوسع مجالاته: فيجبُ الاستمرار في الإنكار، ومناصحة المسؤولين، كلٌّ فيما يخصّه، وتبصير العامة.
وممّا يؤكّد واجب الاستمرار في الإنكار بشتى الطّرق والوسائل: أنّ برامجَ الاختلاط مستمرّةٌ، وأنّ دعاةَ الاختلاط لا يزالون يطالبون بالمزيد، ومِن أقبح ذلك: ما ذُكِرَ أخيراً مِن أنّ المرأة السّعوديّة ستشارك في المباريات الرياضيّة العالميّة، وما يسمّى "بالأولمبياد الدوليّة"، قيل: "لكن بالضّوابط الشرعية"، وهذه أشبه بنكتة، أو كما يُقال: "كليشة" لا تروج على العقول الذّكيّة الزّكية؛ لأنّ الضّوابط الشرعيّة غيرُ ممكنة ولا مقبولة لدى أصحاب الشّأن والكلمة في تلك المباريات العالميّة، إلا أن تكون مشاركة مِن قبيل: قرّب ولو ذبابًا، أو مِن باب: أوّل السّيل قطرة.
قال فضيلة الشّيخ عبد المحسن العباد -تعليقاً على ما قيل مِن الضّوابط الشّرعيّة-: "وأمّا المشاركة وفقًا للضّوابط الشّرعيّة: فلا تتحقّق بمثل هذه الألعاب العالميّة التي لا تعرف الاحتشام والسّلامة مِن الفتن".
ومِن الخطوات التّنفيذيّة لتوسيع مجالات الاختلاط: ما صدرَ أخيرًا مِن وزارة العمل مِن قرار توظيف النّساء في محلات المستلزمات النّسائيّة بين الرجال، وإلزام أصحاب المحلّات بذلك، وتهديد مَن لا يمتثل بالعقوبة؛ وهذا القرار مع ما يترتّب على مضمونه مِن المفاسد: هو مخالفٌ لفتوى مفتي عام المملكة واللجنة الدّائمة.
ومِن المعلوم أنّ كلّ خطوة في توسيع مجالات الاختلاط تفتقدُ بها المملكةُ العربيّة السّعوديّة قدراً مِن تميّزها الدّيني والخلقي والاجتماعي، كما يعلم المطّلعون على مجريات الأمور أنّ كلّ ذلك أو أكثره تنفيذٌ للوثيقة الملعونة، وثيقة القضاء على جميع أشكال التّمييز ضد المرأة، وهي التي صاغتها عقولُ يهودٍ ونصارى وملحدين.
وعليه: فإنّ الاختلاط بين الرّجال والنّساء في جميع المجالات هو مِن طاعة الكفار والمنافقين التي نهى الله عنها نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- والمؤمنين، فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}(الأحزاب:1)، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ}(آل عمران:149).
وبيّن -سبحانه- حكمة هذا النّهي والتّحذير، وهي سوء نيّاتهم بالمؤمنين، فقال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا}(النساء من الآية:89) ، وقال عزّ وجلّ: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(البقرة من الآية:120)، وقال: {وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}(النساء من الآية:27).
وبناء على ما سبق: يجبُ على الأمّة التّصدي لإنكار ما تقضي به الوثيقة الملعونة، وذلك برفض ما تدعو إليه مِن تسوية المرأة بالرّجل في كلّ شيء، والتي مِن آثارها: فشو الاختلاط بين الرّجال والنّساء، وما يترتّب عليه مِن منكرات: مِن النّظر الحرام، والكلام الحرام، والخلوة المحرّمة، وما يسمّى بالتّحرش أو المغازلة.
فيجبُ على مَن آتاهم الله علماً أن يُبيّنوا للناس حكمَ هذا الاختلاط ومفاسده، وضرره على الأمّة في دينها ودنياها، ولذا حذّر النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- مِن فتنة النّساء أبلغ تحذير، حيث قال: (ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرّ على الرّجالِ مِن النّساء)(متفق عليه).
ويجبُ على أهل العلم أن يُذكِّروا ولاةَ أمور الأمّة بعظمِ مسؤوليتهم في مقامهم بين يدي الله، ويُذكِّروا -كذلك- أولياء النّساء بما يجبُ عليهم مِن المحافظة على مَن تحت أيديهم مِن النّساء؛ زوجات وبنات وأخوات، بصيانتهن عن كلّ ما يخدش الشّرف والفضيلة، فلا يسمحون لهنّ في أيّ عملٍ مختلط أو دراسة مختلطة، وشرّ ذلك: ابتعاثُ النّساء للدراسة، ففيه الدّنسُ والعارُ الذي تتحملُ إثمه وتبعته المرأةُ ووليُّها، ومَن يسّرَ لها ذلك. فتوبوا إلى الله جميعا أيّها المؤمنون لعلكم تفلحون.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أنوّه بجهود صاحب المعالي والفضيلة الشّيخ عبد المحسن بن حمد العباد -وهو أحد كبار علماء العالم الإسلامي اليوم- في إنكار الاختلاط وابتعاث النّساء، والتّحذير مِن مكر الغربيين والمستغربين، فجزاه اللهُ على ما قدّم أحسن الجزاء، وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد. حرر في: 1433/2/12 هـ
فقد كَثُرَ الجدلُ بين الكتّاب والدّعاة والعلماء -في السّنوات الماضية القريبة- في قضية اجتماعيّة دينيّة أخلاقيّة، وهي كُليَّة مِن حيث ارتباطها بالمجتمع كافة، وهي: قضيةُ الاختلاط بين النّساء والرّجال في مجال العمل والتّعليم وغير ذلك؛ فمِن محلِّلٍ ومحرِّمٍ.
وخاض في ذلك تحليلاً مَن ليس مِن أهل العلم مِن العصرانيين والمستغربين، وجاراهم -غلطًا أو مغالطة- مَن هو مُنتسب للعلم والعلماء، مما كانَ شبهةً لأصحاب الأهواء؛ وبسبب ذلك نُشرت فتاوى العلماء -قديمًا وحديثًا- بتحريم الاختلاط، وأُلّف في ذلك مؤلّفات، وذُكرت مفاسدُ ذلك الاختلاط ودوافعه: فقامت الحجّةُ وحصلَ الإعذار في ذلك الوقت.
وقد هدأت عاصفةُ الجدل في هذا المنكر، وما دام المنكرُ قائمًا ويزداد انتشارًا وتوسع مجالاته: فيجبُ الاستمرار في الإنكار، ومناصحة المسؤولين، كلٌّ فيما يخصّه، وتبصير العامة.
وممّا يؤكّد واجب الاستمرار في الإنكار بشتى الطّرق والوسائل: أنّ برامجَ الاختلاط مستمرّةٌ، وأنّ دعاةَ الاختلاط لا يزالون يطالبون بالمزيد، ومِن أقبح ذلك: ما ذُكِرَ أخيراً مِن أنّ المرأة السّعوديّة ستشارك في المباريات الرياضيّة العالميّة، وما يسمّى "بالأولمبياد الدوليّة"، قيل: "لكن بالضّوابط الشرعية"، وهذه أشبه بنكتة، أو كما يُقال: "كليشة" لا تروج على العقول الذّكيّة الزّكية؛ لأنّ الضّوابط الشرعيّة غيرُ ممكنة ولا مقبولة لدى أصحاب الشّأن والكلمة في تلك المباريات العالميّة، إلا أن تكون مشاركة مِن قبيل: قرّب ولو ذبابًا، أو مِن باب: أوّل السّيل قطرة.
قال فضيلة الشّيخ عبد المحسن العباد -تعليقاً على ما قيل مِن الضّوابط الشّرعيّة-: "وأمّا المشاركة وفقًا للضّوابط الشّرعيّة: فلا تتحقّق بمثل هذه الألعاب العالميّة التي لا تعرف الاحتشام والسّلامة مِن الفتن".
ومِن الخطوات التّنفيذيّة لتوسيع مجالات الاختلاط: ما صدرَ أخيرًا مِن وزارة العمل مِن قرار توظيف النّساء في محلات المستلزمات النّسائيّة بين الرجال، وإلزام أصحاب المحلّات بذلك، وتهديد مَن لا يمتثل بالعقوبة؛ وهذا القرار مع ما يترتّب على مضمونه مِن المفاسد: هو مخالفٌ لفتوى مفتي عام المملكة واللجنة الدّائمة.
ومِن المعلوم أنّ كلّ خطوة في توسيع مجالات الاختلاط تفتقدُ بها المملكةُ العربيّة السّعوديّة قدراً مِن تميّزها الدّيني والخلقي والاجتماعي، كما يعلم المطّلعون على مجريات الأمور أنّ كلّ ذلك أو أكثره تنفيذٌ للوثيقة الملعونة، وثيقة القضاء على جميع أشكال التّمييز ضد المرأة، وهي التي صاغتها عقولُ يهودٍ ونصارى وملحدين.
وعليه: فإنّ الاختلاط بين الرّجال والنّساء في جميع المجالات هو مِن طاعة الكفار والمنافقين التي نهى الله عنها نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- والمؤمنين، فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}(الأحزاب:1)، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ}(آل عمران:149).
وبيّن -سبحانه- حكمة هذا النّهي والتّحذير، وهي سوء نيّاتهم بالمؤمنين، فقال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا}(النساء من الآية:89) ، وقال عزّ وجلّ: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(البقرة من الآية:120)، وقال: {وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}(النساء من الآية:27).
وبناء على ما سبق: يجبُ على الأمّة التّصدي لإنكار ما تقضي به الوثيقة الملعونة، وذلك برفض ما تدعو إليه مِن تسوية المرأة بالرّجل في كلّ شيء، والتي مِن آثارها: فشو الاختلاط بين الرّجال والنّساء، وما يترتّب عليه مِن منكرات: مِن النّظر الحرام، والكلام الحرام، والخلوة المحرّمة، وما يسمّى بالتّحرش أو المغازلة.
فيجبُ على مَن آتاهم الله علماً أن يُبيّنوا للناس حكمَ هذا الاختلاط ومفاسده، وضرره على الأمّة في دينها ودنياها، ولذا حذّر النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- مِن فتنة النّساء أبلغ تحذير، حيث قال: (ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرّ على الرّجالِ مِن النّساء)(متفق عليه).
ويجبُ على أهل العلم أن يُذكِّروا ولاةَ أمور الأمّة بعظمِ مسؤوليتهم في مقامهم بين يدي الله، ويُذكِّروا -كذلك- أولياء النّساء بما يجبُ عليهم مِن المحافظة على مَن تحت أيديهم مِن النّساء؛ زوجات وبنات وأخوات، بصيانتهن عن كلّ ما يخدش الشّرف والفضيلة، فلا يسمحون لهنّ في أيّ عملٍ مختلط أو دراسة مختلطة، وشرّ ذلك: ابتعاثُ النّساء للدراسة، ففيه الدّنسُ والعارُ الذي تتحملُ إثمه وتبعته المرأةُ ووليُّها، ومَن يسّرَ لها ذلك. فتوبوا إلى الله جميعا أيّها المؤمنون لعلكم تفلحون.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أنوّه بجهود صاحب المعالي والفضيلة الشّيخ عبد المحسن بن حمد العباد -وهو أحد كبار علماء العالم الإسلامي اليوم- في إنكار الاختلاط وابتعاث النّساء، والتّحذير مِن مكر الغربيين والمستغربين، فجزاه اللهُ على ما قدّم أحسن الجزاء، وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد. حرر في: 1433/2/12 هـ
أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك