مِن البلاء العظيم: تيسّر طرق الوصول إلى ما حرّم الله
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم..
فإنّ مِن البلاء العظيم في هذا العصر أن تتيسّر طرق الوصول إلى ما حرّم الله مِن الشهوات؛ مِن شرب الخمر، وفعل الفواحش ودواعيها؛ مِن النّظر والسّماع والمحادثات، وطرقُ ذلك: القنوات الفضائية وهواتفُ الجوال وشبكةُ النت، فكلّها تمكّن مِن المشاهد المحرّمة، وما يتبعُ ذلك مِن مسموعات، وتواصل بين المتَّبعين للشّهوات، فيتمنّون الوصول إلى ما يهوون، ثمّ يصدِّقُ ذلك أو يكذبهُ: السّفرُ مِن بلاد العافية والمحافظة إلى بلاد الإباحيّة القريبة والبعيدة.
وقد تيسّرت أسبابُ السفر وخفَّت كُلَفُه، وانتشرت مكاتب شركات السّفر والسّياحة، ونشرت الدّعاية لذلك، وهيّئت الفنادق والحدائق للسّياح مِن ذوي القلوب المريضة بالشّهوات، مع توفير ما يطلبونه مِن ذلك؛ فعظُمت بذلك المحنةُ، واشتدّ البلاءُ، وكلّ ذلك جارٍ بقدر الله، ولحكمته البالغة في ابتلاء العباد، ليميز الله الخبيثَ مِن الطيب، وليعلم الله مَن يخافه بالغيب، فيكُفّ عن الحرام مع قدرته عليه، خوفًا مِن الله الذي يراه، لا تخفى عليه خافية.
وقد نبّه -سبحانه- إلى هذه الحكمة: بتيسيره ما حرّمه مِن الصيد على المـُحْرِم، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(المائدة:94)
ويحسنُ في هذا المقام: ذكرُ أحد السّبعة الذين يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ورجلٌ دعتهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال إلى نفسها، فقال: إنّي أخافُ الله) فراقب ربّك أيّها المسلم، وجاهد نفسكَ، واذكر قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(الحج:17) وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين. حرر في: 1434/5/30 هـ
أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك