إلى الأخ المكرّم/ عبدالعزيز بن ريس الريس / السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد ذكر لي الأخ "بندر الشويقي" أنك تقول: "إنّ الرجل لو قصد وتعمّد السّجود بين يدي الصّنم طمعًا في دنيا، وصرّح بلسانه أنّه يقصد عبادته، فإنّه يُحكم بكفره، لكن لا يُقطع بكفر باطنه؛ لاحتمال كذبه في إخباره عن نفسه، فمثله كمَن يقول: أنا أعتقد أنّ الله ثالثُ ثلاثةٍ، فهذا يكفر، لكن لا يُقطع بكفره الباطن لاحتمال كذبه في إخباره عن نفسه".
وهذا -إن صحّ عنك- فأنت ضالٌّ في فهمك ضلالًا بعيدًا، وقد قلت إفكًا عظيمًا، فإنّ مقتضى هذا: أنا لا نقطع بكفر الجاحدين لنبوّة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مع تصديقهم له في الباطن، كما قال تعالى: فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ[الأنعام: 33]، وكذلك لا يُقطع بكفر كلّ النّصارى لقولهم: "المسيح ابن الله" أو قولهم بالتثليث؛ لاحتمال أنّهم قالوا ذلك مجاملةً أو تعصبًا لأقوامهم، لا اعتقادًا لحقيقة قولهم! وأنّ المسلم لو أظهر موافقتهم على ذلك -لغرضٍ مِن الأغراض مِن غير إكراهٍ، أو أظهر لهم تكذيب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن مرتدًا إلا ظاهرًا، وأمّا في الباطن فهو في عداد المؤمنين، ومقتضى هذا أنّه لو مات على تلك الحال، لكان مِن أهل الجنة بإيمانه الذي كتمه مِن غير اضطرارٍ ولا إكراهٍ.
لذلك أوصيك بالتريّث، وترك الاندفاع، كما أوصيك باللجأ إلى الله، بسؤال الهداية، فيما اختلف فيه مِن الحق بإذنه، إنّه تعالى يهدي مَن يشاء إلى صراطٍ مستقيم؛ أسأل الله أن يلهمكَ الصّواب، وأن يرينا وإيّاك الحقّ حقًا، ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطلَ باطلًا، ويرزقنا اجتنابه، وأن لا يجعله ملتبسًا علينا فنتبع الهوى" اهـ. حرر في: 1435/3/29 هـ
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك