الرئيسية/شروحات الكتب/الدين الحق/(9) الفصل الثالث: معرفة دين الحق الإسلام

(9) الفصل الثالث: معرفة دين الحق الإسلام

طالب: الدِّينُ الحقُّ..

الشيخ: الدِّينُ الحقُّ نعم، هو الإسلامُ، أبو فيصل..

طالب: الشَّيخُ العمر -غفرَ اللهُ له وأسكنَهُ فسيحَ جنَّاتِهِ- قرأَ على الشَّيخ محمَّد إبراهيم؟

الشيخ: ما أعلمُ، ما علمْتُ، الشَّيخ إبراهيم دروسُه متقدِّمةٌ..

القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. اللَّهمَّ اغفرْ لنا وشيخَنا والحاضرينَ والمستمعينَ. قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ حمَّادٍ العمرُ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "الدِّينُ الحقُّ":

الفصلُ الثَّالثُ: معرفةُ دينِ الحقِّ "الإسلامِ"

إذا عرفْتَ -أيُّها العاقلُ- أنَّ اللهَ تعالى هوَ ربُّكَ الَّذي خلقَكَ ورزقَكَ، وأنَّهُ الإلهُ الواحدُ الحقُّ الَّذي لا شريكَ لهُ، وأنَّهُ يجبُ عليكَ أنْ تعبدَهُ وحدَهُ، وعرفْتَ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ إليكَ، وإلى جميعِ النَّاسِ، فاعلمْ أنَّهُ لا يصحُّ إيمانُكَ باللهِ تعالى ورسولِهِ محمَّدٍ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلَّا إذا عرفْتَ دينَ الإسلامِ، وآمنْتَ بهِ، وعملْتَ بهِ؛ لأنَّهُ الدِّينُ الَّذي رضيَهُ اللهُ تعالى، وأمرَ بهِ رسلَهُ، وبعثَ بهِ خاتمَهم، محمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى جميعِ النَّاسِ، وأوجبَ عليهم العملَ بهِ.

الشيخ: والإيمانُ بالرَّسولِ يستلزمُ الإيمانَ بما جاءَ به، يستلزمُ الإيمانَ بما جاءَ به، والرَّسولُ جاءَ بدين الإسلامِ، وجاءَ بالتَّوحيد، والتَّوحيدُ هو أصلُ دينِ الإسلامِ، فهذه الأصولُ متلازمةٌ لا يتمُّ القيامُ بواحدٍ منها إلَّا بالآخر، متلازمةٌ، والإيمانُ بدينِ الإسلامِ يتضمَّنُ الإيمانَ بالرَّسولِ وبالتَّوحيدِ، فالتَّوحيدُ والإيمانُ باللهِ هو أصلُ دينِ الإسلامِ، والإيمانُ بالرَّسولِ كذلك، وهذانِ الأصلانِ هما مضمونُ الشَّهادتين، والإقرارُ بالشَّهادتينِ يتضمَّنُ الإقرارَ بدينِ الإسلامِ الَّذي بعثَ اللهُ به رسلَه، فهي أصولٌ ثلاثةٌ متلازمةٌ، وهي الَّتي يُسأَلُ عنها العبدُ في قبرِه: "مَن ربُّكَ؟ وما دينُكَ؟ ومَن نبيُّكَ؟".

القارئ:

تعريفُ الإسلامِ

قالَ خاتمُ المرسلِينَ، ورسولُ اللهِ إلى النَّاسِ أجمعينَ: الإسلامُ أنْ تشهدَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهَ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتصومَ رمضانَ، وتحجَّ البيتَ إنْ استطعْتَ إليهِ سبيلًا . متَّفقٌ عليهِ.

الشيخ: هذا جاءَ في حديثِ جبريل، هذا طرفٌ من حديثِ جبريل، قالَ: أخبرْني عن الإسلامِ؟ قالَ: كذا وكذا، وذكرَ أركانَ الإسلامِ أو دعائمَ الإسلامِ الخمسةِ، وهذه أصولُ الإسلامِ العمليَّةِ: الشَّهادتان وإقامُ الصَّلاةِ وإيتاءُ الزَّكاةِ وصومُ رمضانَ والحجُّ.

القارئ:

فالإسلامُ هوَ الدِّينُ العالميُّ الَّذي أمرَ اللهُ بهِ جميعَ النَّاسِ، وآمنَ بهِ رسلُ اللهِ، وأعلنُوا إسلامَهم للهِ، وأعلنَ اللهُ -تعالى- بأنَّهُ الدِّينُ الحقُّ، وأنَّهُ لا يقبلُ مِن أحدٍ دينًا سواهُ، فقالَ تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ  [آل عمران:19] وقالَ اللهُ تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ  [آل عمران:85].
المعنى الإجماليُّ للآيتَينِ: يخبرُ اللهُ تعالى أنَّ الدِّينَ لديهِ الإسلامُ فقط:

الشيخ: يعني الدِّينُ عندَ اللهِ وفي حكمِ اللهِ هو الإسلامُ فقط إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ... ، وما سواهُ فليسَ بدينٍ في حكمِ اللهِ، فليسَ بدينٍ مرضيٍّ، وتفسِّرُ هذه الآيةُ الآيةَ الثَّانيةَ.

القارئ:

وفي الآيةِ الأخرى أخبرَ أنَّهُ لن يقبلَ مِن أحدٍ دينًا غيرَ الإسلامِ، وأنَّ السُّعداءَ بعدَ الموتِ هم المسلمونَ فقط، وأنَّ الَّذينَ يموتونَ على غيرِ الإسلامِ خاسرونَ في الدَّارِ الآخرةِ، ويُعذَّبونَ في النَّارِ.
ولهذا أعلنَ جميعُ الأنبياءِ إسلامَهم للهِ، وأعلنُوا براءتَهم ممَّن لا يسلمُ، فمَن أرادَ مِن اليهودِ والنَّصارى النَّجاةَ والسَّعادةَ فليدخلْ في الإسلامِ، وليتَّبعْ رسولَ الإسلامِ محمَّدًا -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، حتَّى يكونَ تابعًا حقًّا لموسى وعيسى..

الشيخ: كلُّ الرُّسلِ رسلُ الإسلامِ، دينُ الرُّسلِ كلِّهم الإسلامُ، فرسولُ الإسلامِ ليسَ خاصًّا بمحمَّدٍ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، بل موسى وعيسى جاءَا بالإسلام ونوح وإبراهيم وكلُّ الرُّسلِ، فدينُ الإسلامِ هو دينُ اللهِ الَّذي لا يقبلُ من أحدٍ سواهُ، وهو دينُ جميعِ المرسلينَ من أوَّلِهم إلى آخرِهم، لكنَّ الإسلامَ بعدَ مبعثِ محمَّدٍ انحصرَ فيما جاءَ به، أمَّا اليهودُ والنَّصارى فليسوا على الإسلامِ ولو زعموا أنَّهم يتَّبعون التَّوراةَ، وأولئك يتَّبعونَ الإنجيلَ فليسوا على الإسلامِ، لو تمسَّكوا بكتبِهم ولم يؤمنوا بمحمَّدٍ لم ينفعْهم ذلك.

القارئ:

لأنَّ موسى وعيسى ومحمَّدًا وجميعَ رسلِ اللهِ مسلمونَ، دعَوا جميعًا إلى الإسلامِ؛ لأنَّهُ دينُ اللهِ الَّذي بعثَهم بهِ، ولا يصحُّ لأحدٍ ممَّن وُجِدَ بعدَ بعثةِ خاتمِ المرسلينَ محمَّدٍ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلى نهايةِ الدُّنيا، لا يصحُّ لهُ أنْ يسمِّيَ نفسَهُ مسلمًا للهِ، ولا يقبلُ اللهُ منهُ هذا الادِّعاءَ إلَّا إذا آمنَ بمحمَّدٍ رسولًا مِن عندِ اللهِ، واتَّبعَهُ، وعملَ بالقرآنِ الَّذي أنزلَهُ اللهُ عليهِ..

الشيخ: الحمدُ للهِ أنْ جعلَنا مسلمين.

القارئ:

قالَ اللهُ تعالى في القرآنِ العظيمِ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  [آل عمران:31].
المعنى الإجماليُّ للآيةِ: يأمرُ اللهُ رسولَهُ محمَّدًا أنْ يقولَ لمَن يدَّعي محبَّةَ اللهِ: إنْ كنْتُم تحبُّونَ اللهَ حقًّا فاتِّبعوني يحُببْكم اللهُ، فإنَّ اللهَ لا يُحبُّكم ولا يغفرُ لكم ذنوبَكم، إلَّا إذا آمنْتُم برسولِهِ محمَّدٍ واتَّبعْتُموهُ.
وهذا الإسلامُ الَّذي بعثَ اللهُ بهِ رسولَهُ محمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى النَّاسِ جميعًا هوَ الإسلامُ الكاملُ الشَّاملُ السَّمْحُ، الَّذي كمَّلَهُ اللهُ ورضيَهُ لعبادِهِ دينًا لا يقبلُ منهم دينًا غيرَهُ، وهوَ الَّذي بشَّرَ بهِ الأنبياءَ وآمنُوا بهِ، قالَ اللهُ تعالى في القرآنِ العظيمِ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا  [المائدة:3].
المعنى الإجماليُّ: يخبرُ اللهُ تعالى في هذهِ الآيةِ الكريمةِ الَّتي أنزلَها على خاتمِ المرسلينَ محمَّدٍ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- وهوَ واقفٌ معَ المسلمينَ بعرفاتَ بمكَّةَ في حجَّةِ الوداعِ، يناجونَ اللهَ ويدعونَهُ، وكانَ ذلكَ في آخرِ حياةِ الرَّسولِ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدَما نصرَهُ اللهُ، وانتشرَ الإسلامُ، وتكاملَ نزولُ القرآنِ.
يخبرُ اللهُ سبحانَهُ أنَّهُ أكملَ للمسلمينَ دينَهم، وأتمَّ عليهم نعمتَهُ ببعثةِ الرَّسولِ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنزالِ القرآنِ العظيمِ عليهِ، ويخبرُ أنَّهُ رضيَ لهم الإسلامَ دينًا، لا يسخطُهُ أبدًا، ولا يقبلُ مِن أحدٍ دينًا سواهُ أبدًا.
ويُخبرُ تعالى أنَّ الإسلامَ الَّذي بعثَ بهِ رسولَهُ محمَّدًا إلى النَّاسِ جميعًا هوَ الدِّينُ الكاملُ الشَّاملُ الصَّالحُ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ وأمَّةٍ، فهوَ دينُ العلمِ واليُسرِ والعدالةِ والخيرِ، وهوَ المنهاجُ الواضحُ الكاملُ القويمُ لشتَّى مجالاتِ الحياةِ، فهوَ دينٌ ودولةٌ، فيهِ المنهاجُ الحقُّ للحكمِ والقضاءِ والسِّياسةِ والاجتماعِ والاقتصادِ، ولكلِّ ما يحتاجُهُ البشرُ في حياتِهم الدُّنيا، وهوَ الَّذي فيهِ سعادتُهم في الحياةِ الآخرةِ بعدَ الموتِ.

قالَ بعدَه:

أركانُ الإسلامِ..

الشيخ: دينُ الإسلامِ موصوفٌ بالكمال والشُّمول فهو دينٌ حاكمٌ على جميع أمورِ الإنسانِ فردًا أو جماعةً، فيجبُ على المسلمِ وعلى جماعةِ المسلمين وعلى الدَّولة تحكيمَ الإسلامِ على جميع التَّصرُّفات والتَّدابير، فإنَّه لا يخرجُ عن دينِ الإسلام شيءٌ، فليسَ هنالك شيءٌ يُقالُ: إنَّه لا يدخلُ لا علاقةَ للدِّين به، بل الدِّينُ مُحَكَّمٌ، يجبُ تحكيمُه في كلِّ شيءٍ، في السِّياسةِ وفي الاقتصادِ وفي أمورِ الرَّوابطِ والاجتماعِ، وفي الأسرة، وفي المجتمعِ، لكن بعض الأمور أحكامُها فيها مفصَّلةٌ، وبعضُه أحكامُه مجمَلةٌ بتقريرِ قواعد، هو لا يشرحُ أنواعَ الصَّنائع أو صفةَ الزِّراعة وما إلى ذلك، لكنَّه يجبُ تحكيمُه فيها، الزِّراعة يجبُ تحكيمُ الشَّرعِ فيها بحيثُ لا تُزرَعُ المحرَّماتُ ولا يُعتدَى باسم الزِّراعة على أحدٍ، فلا ظلمَ ولا فسادَ، وهكذا جميعُ الأمورِ والعلومِ يجبُ أن تكون خاضعةً لأصولِ الإسلامِ الَّذي يقومُ على العدلِ ورفضِ الظُّلم ومنعِ الفسادِ، فهذه أحكامٌ عامَّةٌ.

وفيه الأحكامُ التَّفصيليَّةُ للعباداتِ والمعاملاتِ، فأحكامُ العباداتِ والمعاملاتِ جاءَ الإسلامُ بها مفصَّلةً، وأمَّا في الأمورِ العاديَّةِ فجاءَ بها على سبيلِ الإجمالِ والقواعد العامَّة، واللهُ المستعانُ.

السِّياسةُ كذلك، السِّياسةُ يجبُ أن تكونَ خاضعةً وجاريةً على وفقِ منهاجِ الإسلامِ، فيجبُ أنْ تقومَ السِّياسةُ على العدلِ ورفعِ الظُّلمِ وعلى تحقيقِ المصالحِ ودرءِ المفاسدِ، وأعظمُ ذلك على إقامةِ الدِّين في الأمَّةِ، على إقامةِ دينِ اللهِ في الأمَّة، هذا أهمُّ مسؤولياتِ السِّياسةِ، أهمُّ وأعظمُ مسؤولياتِ السِّياسة إقامةُ دينِ الإسلامِ في الأمَّة.

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة