الرئيسية/شروحات الكتب/الدين الحق/(8) الفصل الثاني: معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم (معجزات الرسول)

(8) الفصل الثاني: معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم (معجزات الرسول)

القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. اللَّهمَّ اغفرْ لنا ولشيخِنا وللحاضرينَ. قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ حمَّادٍ العمرُ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "الدِّينُ الحقُّ":

قالَ:

معجزاتُ الرَّسولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

الشيخ: معجزاتُ الرَّسولِ هي الأدلَّةُ الدَّالَّةُ على صدقِه وهي الخوارقُ الدَّالَّةُ على صدق الرَّسول، ويسمِّيها المتكلِّمون المعجزات، شيخُ الإسلامِ يقولُ: اللَّفظُ الشَّرعيُّ هو البراهينُ والبيِّناتُ، لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ  [الحديد:25]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا  [النساء:174]، فالتَّعبيرُ عن دلائلِ الرُّسلِ ودلائلِ نبوَّتهم "معجزات" مصطلحٌ كلاميٌّ من مصطلحاتِ الكلاميَّة، لكن صارَ مشهورًا عندَ النَّاسِ، يعبِّرُ به كثيرٌ من أهلِ العلمِ، فالشَّيخُ -رحمه اللهُ- كأنَّه عبَّرَ بالمعنى المشهورِ عندَ النَّاسِ.

القارئ:

وقد عدَّ علماءُ سيرةِ الرَّسولِ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معجزاتِهِ الدَّالَّةَ على صدقِ رسالتِهِ، فبلغَتْ أكثرَ مِن ألفِ معجزةٍ، منها:

- خاتمُ النُّبوَّةِ الَّذي أنبتَهُ اللهُ بينَ كتفيهِ:

وهوَ "محمَّدٌ رسولُ اللهِ"، على هيئةِ الثَّآليلِ.

الشيخ:

هذا شيءٌ معروفٌ جاءَ في ذكرِ حالِه وصفتِه أنَّ بينَ كتفيهِ شيءٌ مثل طرف حجم مكوَّر، يقولُ الشَّيخُ: مثل الثَّآليل، مثلُ ما ينبتُ في الجسمِ أحيانًا يعني، فكانَ هذا خَتْمُ النُّبوَّةِ.

القارئ:

تظليلُ الغمامِ لهُ إذا مشى في شمسِ الصَّيفِ الحارَّةِ.

الشيخ: هذا وردَ في قصَّته عندَما سافرَ معَ عمِّه، أو سافرَ في رحلةٍ، رآه راهب -بحيرا-، عرفَ أنَّه النَّبيُّ لأنَّه رأى أنَّ السَّحابَ يظلُّه ويمشي معَه، فاتَّصلَ الرَّاهبُ ببحيرا، اتَّصلَ بعمِّه، وقالَ: احذرْ أن تَقْدُمَ بهِ على اليهودِ.

القارئ:

تسبيحُ الحصى في يديهِ، وتسليمُ الشَّجرِ عليهِ.

الشيخ: نعم هذا كلُّه وردَ في السِّيرةِ.

القارئ:

إخبارُهُ بالغيبيَّاتِ الَّتي ستحصلُ في آخرِ الزَّمانِ

وها هيَ تحصلُ شيئًا فشيئًا طبقَ ما أخبرَ.

الشيخ: يعني من دلائلِ نبوَّتِه إخبارُه بالأمورِ المستقبَلَةِ ثمَّ تحدَّثَ كما أخبرَ، وهذا وقعَ كثيرًا في حياته وبعدَ وفاتِه عليه الصَّلاة والسَّلام، ولا تزالُ دلائلُ نبوَّتِه تظهرُ حينًا بعدَ حينٍ لمن عرفَ السُّنَّةَ وعرفَ الواقعَ.

القارئ:

وهذهِ الأمورُ الغيبيَّةُ الَّتي تحدثُ بعدَ وفاةِ خاتمِ المرسلينَ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى نهايةِ الدُّنيا، والَّتي أطلعَهُ اللهُ عليها، وأخبرَ بها مدوَّنةٌ في كتبِ الحديثِ وكتبِ أشراطِ السَّاعةِ، مثلَ: "النِّهايةِ" لابنِ كثيرٍ، وكتابِ "الأخبارِ المشاعةِ في أشراطِ السَّاعةِ"، و"أبوابِ الفتنِ والملاحمِ" في كتبِ الحديثِ، وهذهِ المعجزاتُ شبيهةٌ بمعجزاتِ الأنبياءِ قبلَهُ، ولكنَّ اللهَ اختصَّهُ بمعجزةٍ عقليَّةٍ باقيةٍ على صفحاتِ الدَّهرِ إلى نهايةِ الدُّنيا؛ لم يعطِها اللهُ لغيرِهِ مِن الأنبياءِ، وهيَ: القرآنُ العظيمُ كلامُ اللهِ، الَّذي تكفَّلَ اللهُ بحفظِهِ، فلا تستطيعُ يدُ التَّحريفِ أنْ تمتدَّ إليهِ، ولو حاولَ أحدٌ تغييرَ حرفٍ منهُ لانكشفَ، فها هيَ مئاتُ ملايينِ النُّسخِ مِن القرآنِ بأيدي المسلمينَ لا تختلفُ واحدةٌ عن الأخرى، ولا بحرفٍ واحدٍ، أمَّا نسخُ التَّوراةِ والإنجيلِ فهيَ متعدِّدةٌ يختلفُ بعضُها عن بعضٍ؛ لأنَّ اليهودَ والنَّصارى تلاعبُوا بهما وحرَّفُوهما لمَّا وكَّلَ اللهُ إليهم حفظَهما، أمَّا القرآنُ فلم يَكِلْ حفظَهُ لأحدٍ سواهُ، بل تكفَّلَ هوَ بحفظِهِ، كما قالَ تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  [الحجر: 9].
ومعَ ذلكَ فحفظُ اللهِ لهُ إنَّما يكونُ بحفظِ الأمَّةِ لهُ، فاللهُ جعلَ لما يريدُهُ أسبابًا، ولهذا قيَّضَ اللهُ الصَّحابةَ.

الشيخ: أن يتلقَّوا القرآنَ مِن الرَّسولِ ويحفظونه حفظَ الصُّدورِ، ثمَّ هُدوا إلى جمعِه وكتابتِه والاتِّفاق عليه، فحفظُ القرآنِ حصلَ بحفظِ اللهِ وبهداية الأمَّة لحفظه لفظًا وكتابةً فما فعلَه الصَّحابةُ من جمعه وكتابتِه هو من حفظِ اللهِ له.

القارئ:

البرهانُ العقليُّ والأدلَّةُ مِن كلامِ اللهِ تعالى على أنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ تعالى وعلى أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ:
ومِن البراهينِ المنطقيَّةِ العقليَّةِ الدَّالَّةِ على أنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ تعالى وعلى أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ: أنَّ اللهَ تحدَّى كفَّارَ قريشٍ لمَّا كذَّبُوا محمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كغيرِهم مِن مكذِّبي الأنبياءِ في الأممِ السَّابقةِ، وقالُوا: إنَّ القرآنَ ليسَ كلامَ اللهِ، تحدَّاهم اللهُ أنْ يأتوا بمثلِهِ، فعجزُوا على الرَّغمِ مِن أنَّهُ بلغتِهم، وبالرَّغمِ مِن أنَّهم أفصحُ النَّاسِ، وعلى الرَّغمِ أنَّ مِن بينِهم كبارُ الخطباءِ والبُلغاءِ وفحولِ الشُّعراءِ، ثمَّ تحدَّاهم أنْ يأتوا بعشرِ سورٍ مثلَهُ مكذوباتٍ، فعجزُوا، ثمَّ تحدَّاهم أنْ يأتوا بسورةٍ واحدةٍ، فعجزُوا، ثمَّ أعلنَ عجزَهم، وعَجزَ جميع الجنِّ والإنسِ عن الإتيانِ بمثلِهِ، ولو كانَ بعضُهم لبعضٍ معينًا، فقالَ سبحانَهُ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا  [الإسراء:88].
فلو كانَ القرآنُ مِن كلامِ محمَّدٍ أو غيرِهِ مِن النَّاسِ لقَدِرَ غيرُهُ مِن أهلِ لغتِهِ الفصحاءِ أنْ يأتوا بمثلِهِ، ولكنَّهُ كلامُ اللهِ تعالى، وفضلُ كلامِ اللهِ وسُموُّهُ على كلامِ البشرِ كفضلِ اللهِ على البشرِ.
وبما أنَّهُ ليسَ للهِ مثيلٌ فليسَ لكلامِهِ مثيلٌ؛ وبهذا يتبيَّنُ أنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ تعالى، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ؛ لأنَّ كلامَ اللهِ لا يأتي بهِ إلَّا رسولٌ مِن عندِهِ، وقالَ اللهُ تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا  [الأحزاب:40] وقالَ اللهُ تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  [سبأ:28] وقالَ اللهُ تعالى في القرآنِ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ  [الأنبياء:107].
المعنى الإجماليُّ للآياتِ: يخبرُ اللهُ تعالى في الآيةِ الأولى أنَّ محمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رسولُهُ إلى النَّاسِ كلِّهم، وأنَّهُ خاتمُ أنبيائِهِ، فليسَ بعدَهُ نبيٌّ، ويخبرُ أنَّهُ اختارَهُ لحملِ رسالتِهِ، وليكونَ خاتمًا لرسلِهِ؛ لأنَّهُ يعلمُ أنَّهُ أصلحُ النَّاسِ لذلكَ، ويخبرُ اللهُ سبحانَهُ في الآيةِ الأخرى: أنَّهُ أرسلَ رسولَهُ محمَّدًا للنَّاسِ جميعًا الأبيضِ والأسودِ، والعربِ وغيرِ العربِ، ويخبرُ أنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلمونَ الحقَّ، لذلكَ ضلُّوا وكفرُوا بعدمِ اتِّباعِهم لمحمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ويخاطبُ اللهُ رسولَهُ محمَّدًا -عليهِ السَّلامُ- في الآيةِ الثَّالثةِ، فيخبرُهُ أنَّهُ أرسلَهُ رحمةً للعالمِ أجمعِ، فهوَ رحمةُ اللهِ الَّتي تكرَّمَ بها على النَّاسِ، فمَن آمنَ بهِ واتَّبعَهُ فقد قَبِلَ رحمةَ اللهِ ولهُ الجنَّةُ، ومَن لم يؤمنْ بمحمَّدٍ ولم يتبعْهُ، فقد ردَّ رحمةَ اللهِ، واستحقَّ النَّارَ والعذابَ الأليمَ.

نداءٌ للإيمانِ باللهِ وبرسولِهِ محمَّدٍ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-

الشيخ: إلى هنا حسبُكَ..

القارئ: هو نداءٌ بسيطٌ، كم سطر ثمَّ يدخلُ في فصلٍ جديدٍ هذا تابعٌ للَّذي قبله، نكمله؟ يعني بسيط جدًّا..

الشيخ: طيب قلْ..

القارئ:

لذا ندعوكَ -أيُّها العاقلُ- إلى الإيمانِ باللهِ ربًّا، وبرسولِهِ محمَّدٍ رسولًا، وندعوكَ إلى اتِّباعِهِ، والعملِ بشريعتِهِ الَّتي بعثَهُ اللهُ بها، وهيَ دينُ الإسلامِ الَّذي مصدرُهُ القرآنُ العظيمُ كلامُ اللهِ، وأحاديثُ خاتمِ المرسلينَ، محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الَّتي ثبتَتْ عنهُ؛ لأنَّ اللهَ عصمَهُ، فلا يأمرُ إلَّا بأمرِ اللهِ، ولا ينهى إلَّا عمَّا نهى اللهُ عنهُ، فَقُلْ مِن قلبٍ مُخلصٍ: آمنْتُ بأنَّ اللهَ ربِّي وإلهي وحدَهُ، وقلْ: آمنْتُ بأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، واتَّبعْهُ، فإنَّهُ لا نجاةَ لكَ إلَّا بذلكَ، وفَّقَني اللهُ وإيَّاكَ للسَّعادةِ والنَّجاةِ آمينَ.

الشيخ: آمينَ.

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة