(25) الفصل الرابع: منهاج الإسلام (الحريات)

القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ المؤلف -رحمَهُ اللهُ تعالى-:

[حرية الرأي]

ب- حرية الرأي:
وأعطى اللهُ الحريةَ في الرأيِّ في الإسلامِ على شرطٍ ألَّا يَتنافى ذلكَ الرأيُ معَ تعاليمِ الإسلامِ، فأمرَ المسلمَ أنْ يقولَ كلمةَ الحقِّ أمامَ كلِّ أحدٍ لا تأخذُهُ في اللهِ لومةُ لائمٍ، وجعلَ ذلكَ مِنْ أفضلِ الجهادِ، وأمرَهُ أنْ يُناصِحَ ولاةَ أمورِ المسلمينَ، ويَنهاهُمْ عن المخالفاتِ، وأمرَهُ أنْ يردَّ على مَنْ يدعو إلى الباطلِ وينهاهُ، وهذا أعظمُ وأجملُ نظامٍ لاحترامِ الرأي، أمَّا الرأيُ المخالفُ لشريعةِ اللهِ فلا يُسمَحُ لصاحبِهِ بإظهارِهِ؛ لأنَّهُ هدمٌ وفسادٌ ومحاربةٌ للحقِّ.

الشيخ: مقصودُ الشيخ الردُّ على مَنْ يدعو إلى حريةِ الرأي وحريةِ الكلمةِ كما يقولون، ومضمونُ هذا الكلام أن لكلِّ أحدٍ أن يقول ما شاءَ، وهذا فسادٌ عريضٌ لا يصحُّ في عقلٍ ولا شرعٍ، يعني اعتمادُ هذا المنهجِ، إذ لو سُمِحَ بذلك لحصلَ الفسادُ العريض مِن طعنِ الناسِ بعضِهم ببعضٍ ومِن الجرأةِ على حدودِ الله وحرماتهِ، فالشيخُ يقول إنه يجبُ أن تكونَ الحريةُ مقيدةً بشرعِ الله، فما لا يخالفُ شرعَ الله من الرأي فهو محترمٌ، وما خالفَه فلا حرمةَ له، فالحرمةُ لدينِ اللهِ لدين الإسلام، فما خالفَهُ لا حرمةَ له.

القارئ:

[الحرية الشخصية]

ج- حرية الشخصية:
وأعطى اللهُ في الإسلامِ الحريةَ الشخصيةَ في حدودِ الشريعةِ الإسلاميةِ المطهرةِ، فجعلَ للإنسانِ -رجلًا أمِ امرأةً- الحريةَ في تصرفاتِهِ فيما بينَهُ وبينَ الآخرينَ، كالبيعِ والشراءِ، والهبةِ والوقفِ والعفوِ، وجعلَ لكلٍّ مِن الرجلِ والمرأةِ حريةَ اختيارِ الزوجِ، فلا يُكرَهُ أحدُهُما بمَنْ لا يرضاهُ، وفي حالِ اختيارِ المرأةِ رجلًا ليسَ مُكافِئًا لها في الدِّينِ، فإنه لا يُسمَحُ لها في ذلكَ حفاظًا على عقيدتِها وشرفِها، فهو منعٌ لصالحِها هِيَ وأسرتِها.
ووليُّ المرأةِ -وهو أقربُ الرجالِ إليها نسبًا أو وكيلُهُ- هو الذي يتولَّى عقدَ زواجِها؛ لأنَّ المرأةَ لا تُزوِّجُ نفسَها؛ لِمَا في ذلكَ مِن التشبُّهِ بالزانيةِ، فيقولُ للزوجِ: زَوَّجْتُكَ فلانةً، ويُجيبهُ الزوجُ بقولِهِ: قبلتُ هذا الزواجَ، ويحضرُ العقدَ شاهدانِ.
ولا يَسمحُ الإسلامُ للمسلمِ أنْ يتجاوزَ الحدَّ الذي شرعَهُ اللهُ لهُ، حيثُ إنهُ وجميعُ ما يملكُ ملكٌ للهِ، فيجبُ عليهِ أنْ يكونَ تصرُّفُهُ في حدودِ شريعةِ اللهِ التي شرعَهَا رحمةً بعبادِهِ، مَنْ تمسَّكَ بها اهتدَى وسَعِدَ، ومَنْ خالفَها شَقِيَ وهلكَ، ولذا حرَّمَ اللهُ الزِّنا واللِّواطَ أشدَّ التحريمِ، وحرَّمَ على المسلمِ الانتحارَ وتغييرَ خَلْقِ اللهِ الذي خلقَهُ اللهُ عليهِ، أمَّا قصُّ الشاربِ وتقليمُ الأظافرِ وحلقُ العانةِ ونتفُ الإبطِ والختانِ، فإنَّ اللهَ أمَرَ بذلكَ.
وحرَّمَ اللهُ على المسلمِ أنْ يتشبهَ بأعداءِ اللهِ في الأمورِ التي مِن خصائصِهِمْ؛ لأنَّ التشبُّهَ بهمْ ومحبتُهُمْ في الأمورِ الظاهرةِ يُؤدِّي إلى التشبُّهِ بهمْ ومحبتِهِمْ في القلبِ، واللهُ يريدُ مِن المسلمِ أنْ يكونَ مصدرًا للفكرِ الإسلاميِّ الصحيحِ، وليسَ مُستورِدًا لأفكارِ البشرِ وآرائِهِمْ، واللهُ يريدُ للمسلمِ أنْ يكونَ قدوةً حسنةً لا مُقلِّدًا.
أمَّا فيما يتعلَّقُ بالصناعاتِ والخبراتِ الفنيةِ الصحيحةِ فإنَّ الإسلامَ يأمرُ بتعلُّمِها، والأخذِ بها، ولو كانَ السابقُ إليها غيرُ مسلمٍ، لأنَّ اللهَ هو الـمُعلِّمُ للإنسانِ، قالَ اللهُ تعالى: عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[العلق:5] وهذا أعلى مقاماتِ النُّصحِ والإصلاحِ للإنسانِ في الاستفادةِ مِن حريتِهِ، وحفظِ كرامتِهِ وحمايتِها مِن شرِّ نفسِهِ وشرِّ غيرِهِ.
د- حرية المأوى:
وأعطى اللهُ -تعالى- للمسلمِ حريةَ الـمأوى، فلا يجوز...

الشيخ: د، هذا رقم أربعة؟

القارئ: هو مُرقِّمُها بالحروفِ "د"...

الشيخ: ما يخالف، ألف باء جيم دال، نعم...

طالب: يُكمل يا شيخ؟

الشيخ: لا لا، بس [يكفي] قفْ عليه، قفْ على أربعة...

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة