القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاة والسلام على نبينا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ حمَّادٍ العُمَر -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الدِّين الحق":
قال:
[مفاسد الإلزام بالاقتصار على زوجة واحدة]
وإذا لمْ يكتفِ الزوجُ بالزوجةِ الواحدةِ فقدْ أباحَ اللهُ لهُ التَّعددَ إلى أربعٍ فقطْ، على شرطِ العدلِ بينهُنَّ فيما يقدرُ عليهِ مِن المسكَنِ والنفقةِ والمبيتِ، أمَّا محبةُ القلبِ فليسَ العدلُ فيها شرطًا؛ لأنَّها أمرٌ لا يملكُهُ الإنسانُ ولا يُلامُ عليهِ، والعَدلُ الذي نَفَى اللهُ استطاعتَهُ بقولِهِ سبحانه: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء:129] هو المحبةُ وما يَلحقُ بها، فهذا عدلٌ لمْ يجعلِ اللهُ -سبحانه- عدمَ تحققِهِ مانعًا مِن التعددِ؛ لأنهُ غيرُ مستطاعٍ، وقدْ شرَّعَ اللهُ التَّعددَ لرسلِهِ ولِمَنْ يَعدِلُ العدلَ المستطاعَ؛ لأنهُ -سبحانه- أعلمُ بما يُصلحُهم فهو خيرٌ للرجالِ والنَّساءِ.
وذلكَ لأنَّ الرجلَ السليمَ لديهِ استعدادٌ في الناحيةِ الجنسيةِ يَستطيعُ بسببِهِ أنْ يَسُدَّ الحاجةَ الجنسيةَ لدى أربعِ نسوةٍ وأنْ يُعِفَّهُنَّ، فإذا قُصِرَ على امرأةٍ واحدةٍ -كما هي الحالِ عندَ النَّصارى وغيرِهم، وكما يُنادِي بذلكَ أدعياءُ الإسلامِ- حصلتِ المفاسدُ الآتيةُ:
الأُولى: إنْ كانَ مؤمنًا مطيعًا للهِ يخافُ اللهَ فإنهُ قدْ يَعيشُ حياتَهُ يشعرُ بشيءٍ مِن الحِرمانِ، وكَبْتِ حاجةِ النفسِ الحلالِ؛ لأنَّ الواحدةَ يمنعُ الحملُ في الأشهرِ الأخيرةِ والنِّفاسُ والحيضُ والمرضُ زوجَها مِن التَّمتعِ بها، فيعيشُ بعضَ حياتِهِ كأنَّهُ بدونِ زوجةٍ، هذا إذا كانتْ تُعجبُهُ ويُحبُّها وتُحبُّهُ، أمَّا إذا كانتْ لا تُعجبُهُ فالأمرُ أضرُّ مِن ذلكَ.
الثانيةُ: وإنْ كانَ الزوجُ عاصيًا للهِ خائنًا فإنهُ يرتكبُ فاحشةَ الزِّنا، وينصرفُ عَن زوجتِهِ، وكثيرٌ ممَّنْ لا يرى التعددَ يرتكبُ جرائمَ الزِّنا والخيانةِ في تعدُّدٍ غيرُ محدودٍ، وأعظمُ مِن هذا أنهُ محكومٌ بكفرِهِ إذا كانَ يحاربُ التعددَ المشروعَ، ويَعِيبُهُ وهوَ يعلمُ أنَّ اللهَ أباحَهُ.
الثالثةُ: أنَّ كثيرًا مِن النساءِ يُحْرَمْنَ مِن الزواجِ والذُّريةِ إذا مُنِعَ التَّعددُ، فتعيشُ الصالحةُ العفيفةُ منهنَّ أيِّـمًا مسكينةً محرومةً، وقد تعيشُ الأخرى فاجرةً عاهرةً يتلاعبُ المجرمونَ بعرضِها.
القارئ: أحسن الله إليكم شيخنا هنا لفظ "فاجرةً عاهرةً" ..
الشيخ: أيش فيه؟
القارئ: يعني ترونه هنا مناسبًا؟ "وقد تعيشُ الأخرى فاجرةً عاهرةً"...
الشيخ: إي، يعني التي ليس عندَها خوفٌ من الله، مثلما قال في الرجل.
القارئ:
[إنصاف الإسلام للمرأة]
ومِن المعلومِ أنَّ النساءَ أكثرُ مِن الرجالِ؛ بسببِ تعرُّضِ الرجالِ للموتِ بصفةٍ أكثر بسببِ الحروبِ والأعمالِ الخطرةِ التي يقومونَ بها، كما أنهُ مِن المعلومِ أنَّ المرأةَ مستعدةٌ للزواجِ منذُ البلوغِ، أمَّا الرجالُ فليسوا كلُّهم مُستعدّينَ؛ لأنَّ كثيرًا منهمْ لا يستطيعُ الزواجَ لعجزِهِ عَن المهرِ، وعَن تكاليفِ الحياةِ الزوجيةِ.. إلخ.
وبهذا يُعلَمُ أنَّ الإسلامَ أنصفَ المرأةَ ورَحِمَها، أمَّا الذينَ يُحارِبونَ التَّعددَ المشروعَ فإنَّهُم أعداءٌ للمرأةِ وللفضيلةِ وللأنبياءِ، فالتعدُّدُ سُنُّةُ أنبياءِ اللهِ -عليهمُ الصلاةُ والسلامُ- إذ إنَّهم يتزوجونَ النساءَ، ويجمعونَ بينهنَّ في حدودِ ما شرعَ اللهُ لهمْ.
وأمَّا الغيرةُ والحزنُ الذي تحسُّ بهِ الزوجةُ حينما يأخذُ زوجُها الأخرى فهو أمرٌ عاطفيٌّ، والعاطفةُ لا يَصِحُّ أنْ تُقدَّمَ في أيِّ أمرٍ مِن الأمورِ على الشرعِ، ويمكنُ للمرأةِ أنْ تشترطَ لنفسِها قبلَ عقدِ الزواجِ أنْ لا يتزوَّجَ عليها زوجُها، فإذا قَبِلَ لَزِمَهُ الشرطُ، ...
الشيخ: هذا على الصحيح، ومِن أهلِ العلم مَن يقول: إنه لا، لا يصحُّ هذا الشرط، لكن الصحيحُ أنه يصحُّ؛ لأن التعددَ ليس بواجبٍ، وهي تَجِدُ حَرَجًا، ولا تستطيعُ أن تعيشَ عِيشةً هنيئةً مع وجودِ الضَّرّة والضَّرائر، فإذا اشترطتْ على ألَّا يتزوج عليها فلها ذلك على الصحيح.
القارئ:
[الطلاق وسبب مشروعيته]
وإذا قرَّرَ الزواجَ عليها فلها الخيارُ في البقاءِ أو الفسخِ، ولا يأخذْ شيئًا مما أعطاهَا.
وشرعَ اللهُ الطَّلاقَ، وبوجهٍ أخصَّ في حالِ الخلافِ والشِّقاقِ بينَ الزوجَيْنِ، وفي حالِ عدمِ محبَّةِ أحدِ الزوجَيْنِ للآخرِ؛ لكَيْلَا يعيشا في شقاءٍ وخلافٍ،...
الشيخ: هذا شروع في موضوع الطلاق؟
القارئ: شيخنا هو سينتهي الآن، سطرين ثلاثة ينتهي يبدأ فصل جديد...
الشيخ: طيب كمل اختم...
طالب: ألا ينطبق عليه حديث: كلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ؟
الشيخ: ما هو الدليل على التحريم؟
القارئ:
وفي حالِ عدمِ محبَّةِ أحدِ الزوجَيْنِ للآخرِ، لكَيْلَا يعيشا في شقاءٍ وخلافٍ، ولكي يجدَ كلٌّ منهما زوجًا يرضاهُ يسعدُ بِه بقيةَ حياتِهِ وفي آخرتِهِ إذا ماتَ كلٌّ منهما على الإسلامِ.
القارئ: ثم قال رحمه الله:
عاشرًا: في الصِّحةِ...
الشيخ: طيب حسبك، موضوع جديد، رحمه الله، أما موضوعُ التعدد فهذا التشنيعُ عليه والتنفيرُ منه هذا مِن الدعواتِ الدَّخيلةِ على المسلمين مِن تبعيَّتِهم للكفارِ وجريانِهم وراءهُم، فمَن يُنكِرُ إباحةَ التعدُّدِ فهو كافرٌ؛ لأنه مفترٍ على الله ومُحرِّمٌ لِمَا أحلَّ الله كما أشار الشيخ، وأما المرأةُ إذا كرهتِ التعددَ فهذا بموجب الطَّبع، فإنها تؤمِنُ بإباحتِهِ لكنَّها لا تُحبُّهُ، وليستْ مأمورةً هي بأنْ ترضاهُ لنفسِها، لكن يجبُ عليها أن ترضاهُ حُكمًا لله، أن ترضى بحكمِ الله وإن كانتْ لا تحبُّ وقوعَه من زوجها.
طالب: [....] يمنعُ من الطلاق في أشهر الحمل الأخيرة؟
الشيخ: يمنع، بموجب العادة والطبع، إذا صارتْ يعني ثقلُتْ في الحملِ أليس هذا مما يمنع؟ ما هو بمنعٍ شرعيٍّ منعٌ عاديٌّ، ليس منعًا شرعيًا لكنه منعًا عاديًا، طبيعيّ إذا [....] المرأة يشقُّ عليها الجماع، والزوجُ كذلك لا يرغبُ فيها.