(26) الفصل الرابع: منهاج الإسلام (الحريات - الأسرة)

القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، اللَّهمَّ اغفرْ لشيخِنا والحاضرينَ. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ حمَّادٍ العُمَر -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الدِّين الحق":

[حرية المأوى]

د- حريةُ الـمَأْوَى: وأعطى اللهُ -تعالى- للمُسلمِ حريةَ الـمَّأْوَى، فلا يجوزُ لأحدٍ أنْ يدخلَ عليهِ بغيرِ إذنِهِ، ولا ينظرُ إليهِ في مأواهُ بغيرِ إذنِهِ.
حريةُ الكَسْبِ...

الشيخ: حريةُ الـمَأوى يريدُ المنزل يعني الإنسانُ يختصُّ بمنزلِهِ ولا سبيلَ لأحدٍ إلى دخولِهِ إلا بإذنِهِ، حتى ولا ينظرَ فيه إلا بإذنِهِ، بعده.

القارئ:

[حرية الكسب]

هـ- حريةُ الكَسْبِ: وأعطى اللهُ للمسلمِ حريةَ الكَسْبِ والإنفاقِ في حدودِ ما شَرَعَ لهُ، فأمرَهُ أنْ يعملَ ويكتسبَ لكي يكفِيَ نفسَهُ وأسرتَهُ، ولكي يُنفقَ في وجوهِ البرِّ والإحسانِ، وفي الوقتِ نفسِهِ حرَّمَ اللهُ عليهِ المكاسبَ المحرَّمةَ مثلَ الرِّبا والقِمارِ والرِّشوةِ والسَّرقةِ وأُجرةِ الكِهانةِ والسحرِ والزنا واللِّواطِ، وحرَّمَ اللهُ أثمانَ المحرِّماتِ كثمنِ صُوَرِ ذواتِ الأرواحِ، والخمرِ والخنزيرِ وآلاتِ اللَّهوِ المحرَّمةِ، والأُجرةِ على الغناءِ والرقصِ، وكما أنَّ الكسبَ مِن هذهِ المصادرِ محرَّمٌ فكذلكَ الإنفاقُ فيها محرَّمٌ، فلا يصحُّ للمسلمِ أنْ ينفقَ شيئًا إلا في وجهٍ مشروعٍ، وهذا أعلى مقاماتِ النُّصحِ والهدايةِ والإصلاحِ للإنسانِ في كسبِهِ وإنفاقِهِ، لكي يعيشَ غنيًّا بالكسبِ الحلالِ سعيدًا.

ثمَّ قالَ رحمَهُ اللهُ:

تاسعًا: في الأسرة ...

الشيخ: حريةُ الكَسْبِ: الإنسانُ ليس حُرًّا في كسبِ المال ولا في صرفِهِ، بل هو مُقيَّدٌ بحُكمِ الله وشرعِه، فلا يحلُّ للإنسان أن يكسِبَ المالَ إلا مِن حِلِّه ومِن طرقِهِ المأذون فيها شرعًا، ولا يحلُّ له كذلك الصرفُ إلا في المأذونِ له الصَّرف فيه فهو مقيَّدٌ في أخذِهِ وعطائِهِ، الإنسانُ مقيَّدٌ في أخذ المال وإعطائِهِ بشرعِ الله، وهذا راجعٌ إلى أن الإنسان ليس حُرًّا بإطلاقٍ بل هو عبدٌ لله، يجب أن يتقيَّدَ بحُكمِ الله وشرعِهِ في جميع أمورِهِ في أخذِه وعطائِه وقولِه وفعلِه هو عبدٌ، فهذه العبوديةُ لازمةٌ، لازمةٌ للإنسان في جميع تصرفاتِه، عبوديةٌ لله، فلا يتصرَّفُ إلا بإذنِ سيِّده، إذن فليس هناك حريةُ اعتقادٍ ولا حريةُ كلمةٍ، حرية كلمة! ليس للإنسانِ أن يتكلَّم بما شاء.

القارئ:

تاسعًا: في الأسرةِ:

[الإحسان إلى الوالدين]

نظَّم اللهُ -تعالى- الأسرةَ في الشريعةِ الإسلاميةِ أكملَ نظامٍ، تتحققُ للآخذينَ بِهِ أسبابُ السعادةِ، فشرعَ الإحسانَ إلى الوالدَيْنِ -الأمِّ والأبِ- بالكلامِ الطيبِ والزيارةِ المستمرةِ إنْ كانَ بعيدًا عنهما، وخدمتُهُما وقضاءُ حوائجِهما، والإنفاقُ عليهما وإسكانُهما إنْ كانا فقيرَيْنِ أو أحدَهما، وتوعَّدَ اللهُ بالعقابِ مَنْ أهملَ والدَيْهِ، ووعدَ الـمُحسِنَ إليهما بالسَّعادةِ.

[الزواج والحكمة منه]

وشرعَ الزواجَ وبيَّنَ الحكمةَ في مشروعيتِهِ في كتابِهِ، وعلى لسانِ رسولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وهيَ:
1- أنَّ بالزواجِ يتوافرُ سببٌ مِن أكبرِ أسبابِ العِفَّةِ، وحفظِ الفرجِ عن الحرامِ -أي: الزِّنا- وحفظِ العينِ عَن النظرِ إلى الحرامِ.
2- وبالزواجِ تحصلُ السَّكينةُ والاطمئنانُ لكلٍّ مِن الزوجينِ بصاحبِهِ؛ لأنَّ اللهَ جعلَ بينهما مودةً ورحمةً.
3- وبالزواجِ يكثرُ عددُ المسلمينَ تكاثرًا شرعيًّا فيهِ الطهرُ والصَّلاحُ.
4- وبالزواجِ يخدمُ كلٌّ مِن الزوجَيْنِ صاحبَهُ حينما يقومُ كلٌّ منهما بوظيفتِهِ التي تُلائِمُ طبيعتَهُ كما جعلَهَا اللهُ سبحانه.
فالرجلُ يعملُ خارجَ البيتِ ويكتسبُ المالَ ليُنفقَ على زوجتِهِ وأولادِهِ، والزوجةُ تعملُ داخلَ البيتِ، فهِيَ تحملُ وترضعُ، وتُربّي الأطفالَ، وتُهيئُ الطعامَ لزوجِها والبيتَ والفراشَ، فإذا دخلَ متعبًا مهمومًا ذهبَ عنهُ التعبُ والهمومُ، واستأنسَ بزوجتِهِ وأولادِهِ، وعاشَ الجميعُ في راحةٍ وسرورٍ.
ولا مانعَ أنْ تقومَ بجانبِ زوجِها -إذا تراضَيَا- ببعضِ الأعمالِ التي تكتسبُ منها لنفسِها أو لتُساعدَ زوجَها بكسبِها، ولكن ذلكَ مشروطٌ بأنْ يكونَ العملُ الذي تقومُ بهِ بعيدًا عَن الرجالِ بحيثُ لا تختلطُ بهمْ، وذلكَ كأنْ يكونَ في بيتِها أو في مزرعتِها هِيَ أو مزرعةِ زوجِها أو أهلِها، أمَّا العملُ الذي يُعرِّضُها للاختلاطِ بالرجالِ في المصنعِ أو المكتبِ أو المتجرِ أو نحوِ ذلكَ فإنَّ هذا لا يجوزُ للمرأةِ، ولا يجوزُ لزوجِها، ولا لوالدَيْها وأقاربِها السَّماحُ لها لو رضيتْهُ لنفسِها، لِمَا في ذلكَ مِن تعريضِها وتعريضِ المجتمعِ للفسادِ، فالمرأةُ ما دامتْ محفوظةً مصونةً في بيتِها غيرَ معرَّضةٍ للرجالِ في أمانٍ لا تمتدُّ إليها الأيدي الآثمةُ، ولا تنظرُ إليها الأعينُ الخائنةُ، أمَّا إذا خرجتْ بينَ الناسِ فإنها حينئذٍ قد ضاعتْ، وصارتْ كالشاةِ بينَ الذئابِ، لا تلبثُ وقتًا قصيرًا إلا وقدْ مزَّقَ أولئكَ الأشرارُ شرفَها وكرامتَها.
وإذا لم يكتفِ الزوجُ بالزوجةِ الواحدةِ...

الشيخ: نسأل الله العافية، نسأل الله العافية، هذا البلاء، بلاءُ الاختلاطِ والعملِ مع الرجال هذا مِن أعظمِ ما دخلَ على المسلمين مِن تبعيَّتِهم للأعداء، والكفارُ هم جنودُ الشيطان لا يريدون بالمسلمين خيرًا ويعملون على أن يتَّبعَهم المسلمون ويُقلِّدوهم ويسيروا سِيرتَهُم، وهذا مصابٌ جَلَلٌ قد أُصيبتْ به الأمة الإسلاميةِ في سائر الأقطار، نسأل الله العافية، وكلام الشيخ كلامٌ عظيمٌ طيبٌ فيه تفصيل بين الحلال والحرام في عمل المرأة.

القارئ:

وإذا لم يكتفِ الزوجُ بالزوجةِ الواحدةِ فقدْ أباحَ اللهُ لهُ التعددَ إلى أربعٍ فقطْ،...

الشيخ: كأنه يريد يدخل في موضوعِ التعدُّد، قف على هذا، الله المستعان، نسأل الله الهداية والعافية.

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة