الحمدُ لله وحده، وصلَّى اللهُ وسلَّم على مَن لا نبي بعده، أمَّا بعد :
فأرى أنَّه لا تُصلَّى الجمعة مع هذه الحال، وإنَّما تُصلَّى ظهرًا بأربع ركعات، وذلك لِمَا يأتي :
أولًا: أنَّ هذه الجمعة غير مأذونٍ فيها الإذنَ الشَّرعي مِن جهات الاختصاص.
ثانيًا: أنَّ المعروفَ عند جمهور العلماء أنَّه لا يجوزُ تعدُّدُ الجمعة في البلدِ إلَّا لعذرٍ مُعتبَرٍ؛ كضيق المسجد وكثرة النَّاس، أو لعداوة بينهم، ونحو ذلك [1] ، فمِن باب أولى أن يُمنعَ تعدُّدُ إقامة الجمعة في كلِّ بيت.
ثالثًا: أنَّ الجمعة شعارٌ مِن شعائر الدّين في بلدان المسلمين، ولا يتحقَّق ذلك بإقامتها في البيوت ونحوها، بل يناقضه كلَّ المناقضة.
رابعًا: أنَّ أهلَ الأعذار مِن السُّجناء والمرضى ونحوهم لا تُشرع لهم إقامة الجمعة في أمكنتهم مع توفّر شروط وجوب إقامة الجمعة فيهم، وهذا ما عليه جمهورُ علماء المسلمين [2] ، وهذا شيخُ الإسلام -رحمه الله- سُجِنَ سبع سنين متفرِّقة، ولم يُنقلْ أنَّه صلَّى جمعة بالسّجناء، وهو إمامٌ يُقتدى به، وقبله إمامُ أهل السُّنَّة أحمد بن حنبل -رضي الله عنه- لبثَ في سجنه ثمانية وعشرين شهرًا، وقيل: أكثر مِن ذلك، ولم يُؤثر أنَّه صلَّى الجمعة بِمَن معه في السّجن.
وعلى هذا فأرى -بعد ما قيلَ مِن أنَّ اجتماع النَّاس قد يكونُ سببًا سريعًا لانتقال هذا الوباء- أن يُصلّي النَّاسُ الجمعة ظهرًا بأربع ركعات في بيوتهم.
وبهذه المناسبة ندعو إخواننا المسلمين إلى الرّجوع إلى الله بالتَّوبة والاستغفار والإقلاع عن كلِّ ذنب ومعصية؛ فإنَّ ذلك مِن أسباب رفع البلاء ودفعه، قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقال سبحانه: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ [الزمر:54]. ونسأله تعالى أن ينصرَ دينَه ويُعلي كلمته، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد.
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في 24 رجب 1441 هـ