الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على نبيّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإنَّ القَدر قدرةُ الله، كما قال الإمام أحمد رحمه الله، والله على كلِّ شيء قدير، وكلُّ ما في الوجود فهو بقدرة الله ومشيئته، والصّفة لا تُضاف إليها المشيئة، ولا الأفعال التي تكون بالمشيئة، فلا تقل: شاءت قدرةُ الله، ولا: شاءَ القدر ، ولا: شاءتْ رحمةُ الله، ولا: فعلتْ ذلك قدرةُ الله أو رحمةُ الله، بل تقول: خلقه اللهُ بقدرته ومشيئته.
ولهذا حرَّم العلماءُ دعاءَ الصّفة، كأن تقول: يا رحمة الله، ويا قدرة الله؛ لأنَّ الدُّعاء خطاب، فهو يشعرُ باستقلال الصفة، وأنَّها تسمعُ وتجيبُ وتفعلُ، ومَن يعتقدُ ذلك فقد جعلها ربًّا ومعبودًا مع الله، وليس من ذلك فعلُ الاقتضاء، كأن تقول: اقتضت رحمةُ الله، وحكمة الله؛ فإنَّ الاقتضاءَ ليس مما يكون بإرادة، بل هو معنى عقليٌّ، كالاستلزام، كما تقول: العلمُ يستلزمُ الحياة، والفعلُ يستلزمُ القدرة.
وأما قول القائل: إذا ساعدَ القدر، فليس المراد مِن المساعدة فعلًا يقصده القدَر؛ بل الأشبه أنَّ معناه الموافقة، فقولك: وساعدَ القدرُ، يعني وافق القدرَ، ولهذا ورد هذا التَّعبير في كلام بعض العلماء، ومع ذلك فأرى ترك هذا التَّعبير، لما فيه مِن الاشتباه، والله أعلم .
قال ذلك:
عبد الرحمن بن ناصر البراك
لخمس خلون من ربيع الأول 1438هـ