الرئيسية/فتاوى/جعل البسملة آية رقم 1 من سورة الفاتحة
share

جعل البسملة آية رقم 1 من سورة الفاتحة

السؤال :

وجدتُ على البسملة رقم (1) في سورة الفاتحة في بعض المصاحف، فهل معنى ذلك أنَّ البسملة آية يجبُ قراءتها في الصَّلاة مع الفاتحة؟

 

الحمدُ لله؛ أجمعَ العلماءُ على أنَّ البسملة آية مِن سورة النَّمل، وهي الواردة في كتاب سليمان: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل: 30]، واختلفوا في البسملة المكتوبة أمام كل سورة:

فقال قوم: إنها آية من كل سورة.

وقال آخرون: إنها آية مِن القرآن، وليست آية مِن كلّ سورة، وإنَّما أنزلت للدلالة على ابتداء السورة، وهكذا كتبها الصَّحابة في أوائل كلّ سورة، إلَّا سورة براءة، وهذا أرجح الأقوال.

وذهبَ الإمامُ الشافعي -رحمه الله- وجماعة مِن العلماء إلى أنَّ البسملة آية مِن سورة الفاتحة دون غيرها مِن السور، وهذا القولُ مع جلالة قدر قائله خلافُ ظاهر السُّنة؛ فقد ثبت في الصَّحيح [1] مِن حديث أنس -رضي الله عنه- أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأبا بكر وعمر لم يكونوا يقرؤون "بسم الله الرحمن الرحيم" في الصَّلاة الجهريَّة، وإنَّما كانوا يسرُّون بها، كما يدلّ عليه مجموع الروايات، ولو كانت البسملةُ كغيرها من آيات الفاتحة لجهروا بها.

وأقوى ما استُدلّ به على أنَّ البسملة ليست مِن الفاتحة الحديثُ القدسي الذي رواه مسلم وغيره، أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي – وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي – فَإِذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ)، ولم يذكر "بسم الله الرحمن الرحيم".

والذين جعلوا البسملة رقم (1) من سورة الفاتحة الظَّاهر أنَّهم اعتمدوا مذهب الشافعي، فجعلوا البسملة آية مِن الفاتحة، والرَّاجحُ خلافُه كما تقدَّم، وعلى هذا: فالصَّحيح أنَّه لا تجبُ قراءة البسملة في الفاتحة بل تستحب، والله أعلم.

 

أملاه:

عبد الرَّحمن بن ناصر البراك

في ضحى الجمعة  11 ربيع الثاني 1439هــ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 (1) أخرجه مسلم (399).