الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فإن الله جعل للحرِّ والبرد أوقاتًا معروفة، فكانت هذه الأوقات يتوقع فيها ما جرت سنّة الله من وقوع الحر فيها والبرد والرياح؛ فالعلاقة بين هذه الأوقات وما يحدث فيها من الأمور الكونيَّة علاقة الظرفيَّة والاقتران، وليس لهذه الأوقات تأثير فيما يقع فيها؛ فإضافة الحوادث إليها يكون على وجهين: إضافة فعل إلى فاعل، أو إضافة مظروف إلى ظرفه.
فأما الأول فلا يجوز؛ فإنه من قبيل: وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ [الجاثية:24]، وأما الثاني فلا بأس به، وهذا هو الذي يكون من المسلم الموحِّد؛ لأنه يعلم أن الله هو الذي قدَّر هذه الحوادث، وأنه سبحانه المتصرفُ في الأوقات، وأمَّا الأول فهو سبيل المشركين الذين يسندون فعل هذه الحوادث إلى الدَّهر من الأيام والليالي. [1]
إذا عُلِم هذا فقول القائل: "جاءنا البرد بسبب العقارب"، فهو تجوُّز بسبب الشيء عن مقارنِه، فهو كالعلامة عليه [2] ، وفي العبارة ملاحظة للتناسب بين البرد والعقارب بجامع الأذى، ففيها نوع طرفة، وبكل حال؛ فعندي أنه لا بأس بقول القائل: "جاءنا البرد بسبب العقارب". والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 19 رجب 1444هـ