الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فلا بدّ قبل الجواب من التنبيه على أمرين:
الأول: أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: ثم ليتخير[1] من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو[2] إنَّما كان بعد تعليم التشهد[3]، لا بعد الدعوات الأربع[4].
الثاني: أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: إذن تكفى همَّك، ويغفرَ لك ذنبُك[5] قال فيه شيخ الإسلام: إن هذا ليس على إطلاقه، بمعنى أنه يجعل جميع دعائه صلاةً على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وإنما ذلك في دعاء مخصوص في وقت مخصوص يدعو به أبيٌّ رضي الله عنه[6].
وعليه فلا يُشرع جعلُ الدعاء كلِّه بعد التشهد صلاةً على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بل تكفي الصلاة الإبراهيميَّة التي علَّمها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه[7]، ويؤكد ذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقل بعد تعليمه التشهد: اجعلوا دعاءكم كلَّه صلاة عليَّ. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 14 جمادى الآخرة 1446هـ
[1] وهي رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت، وفي غيرها “يتخيَّر”.
[2] أخرجه البخاري (835) -واللفظ له-، ومسلم (402) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
[3] مراد شيخنا -حفظه الله- حديث ابن مسعود رضي الله عنه السابق، وفيه تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- التشهد للصحابة لما قال: “ولكن قولوا: التحيات لله…” إلى أن قال: ” ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو”.
[4] أخرجه البخاري (832)، (1377)، ومسلم (588-590) من حديث عائشة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم.
[5] أخرجه أحمد (21242)، والترمذي (2457) -واللفظ له- من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم (3578).
[6] ينظر: التوسل والوسيلة -ت الأرناؤوط- (ص77)، وجِلاء الأفهام (ص76).
[7] قد جاءت صيغ ٌكثيرةٌ في الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- وقد أورد منها صديق حسن خان نحو ثلاثين صيغة، كلها مرفوعة إلا واحدة، وخرَّج الألباني سبعة منها. ينظر: نزل الأبرار لصديق حسن خان (ص167-171)، وأصل صفة الصلاة للألباني (3/913).