الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فقد سمعتُ هذا السؤال عن المرأة المصرية، وطريقتها في تعليم القرآن؛ فعرفتُ من هذا الشرح المفصَّل أن هذه المرأة ضالة استعملها الشيطان في التلاعب بكتاب الله، وإضلال الراغبات في تعلُّم القرآن وتلاوته؛ فهذه الطريقة في جملتها بدعةٌ منكَرةٌ مخالفةٌ لقراءة المسلمين من عهد الصحابة -رضي الله عنهم-، ومخالفة للغة العربية التي نزل بها القرآن؛ فتطويل زمن النطق بالحرف لا أصل له في لغة العرب، ولا عند علماء القراءات المعظمين للقرآن، ومِن المنكر في هذه الطريقة ما تزعمه هذه الجاهلة الضالة من أن سبب الغلط عند الناس في تجويد القرآن أنهم لم يَضُمُّوا إليه علمي التشريح والأصوات؛ مما يدل على أن طريقة هذه المرأة الضالة يجر إلى جعل تلاوة القرآن من جنس الأغاني، وفي هذا أبلغ امتهانٍ للقرآن وتهوينٍ مِن قدره، ومن المساوئ الشنيعة لهذه الطريقة: تعسير تعلم القرآن الذي يسره الله للذكر، ولا ريب أن هذا العسر ليس في القرآن بل في هذه الطريقة المبتدَعة.
ومجمل القول: أن هذه الطريقة في تعليم القرآن حرام: تعلم القرآن وتعليمه بها؛ فعلى الأخوات المؤمنات الراغبات في تعلُّم القرآن وتلاوته رَفْضَ هذه الطريقة، والبراءةَ منها ومن الداعيات إليها، كما يجب الإنكار على الطالبات اللاتي يتعلَّمن هذه الطريقة، وأنه لا أجر لهن في تعلُّم القرآن وتلاوته بهذه الطريقة، وأنه يجب عليهن العودة إلى طريقة المسلمين في تعلُّم القرآن وتعليمه وتلاوته، وتطبيق قواعد التجويد المعروفة، مع البعد عن التقعُّر والتَّنَطُّع في نطق الحروف؛ فإنه من التكلُّف الذي أمر الله نبيه بالبراءة من أهله: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص: 86]، وكذلك يحرم ختم القرآن بهذه الطريقة فلا تجوز المشاركة فيها تلاوةً أو حضورًا أو استماعًا، مباشرةً أو بواسطة قنوات التواصل، وكذلك تحرم ترجمة القرآن الترجمة الحرفية والقراءة بها؛ فإن الترجمة التي أجازها العلماء ترجمة معاني القرآن، وهي نوعٌ من التفسير بغير العربية[1].
وفي هذا المقام أذكِّر أنه يجب على المشايخ والدعاة أن يقاوموا أهل هذه الطريقة المنكرة بالإنكار الشديد، ويوجِّهوا بناتهم وأخواتهم المسلمات ويحذروهن من الأخذ بهذه الطريقة المبتدعة، ويرشدونهن إلى الصواب؛ ليقرأن القرآن كما يقرأه المسلمون رجالًا ونساءًا.
نسأل الله أن يبطل عمل المفسدين، ويهدي الطالبين للحق إلى الطريق المستقيم، أيها المشايخ والدعاة، انقذوا بلادكم من الساعين فيها بما يصدُّ عن الحق، ويوقع في الضلالات والأباطيل التي يزينها الشيطان وجنوده من المنافقين والجاهلين الضالين عن سواء السبيل، نسأل الله أن يلطف بالجميع، ويلهمنا الصواب في القول والعمل في جميع مسائل الدين، والله أعلم، وصلى والله وسلم على نبينا محمد.
وهاهنا تنبيهان:
الأول: يجب على المعلمات اللاتي كنَّ يعلمن بهذه الطريقة أن يَتُبن إلى الله ويتركن التعليم بها، ويبيِّنَّ للطالبات أن تعليمهن بهذه الطريقة كان خطأً منهن، وأنهن الآن قد تركنها لأنها طريقة فيها مخالفات شرعية كثيرة.
الثاني: يجب على المعلمات اللاتي أخذن من الطالبات رسومًا أن يُرجعن هذه الأموال لأنهن أَخذن هذه الأموال بغير حق؛ لأنه لا يجوز أخذ الأجرة إلا على العمل المشروع والعمل المباح[2]، وقد بينا في الجواب أن التعليم بهذه الطريقة حرام فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، ونقول للجميع: اتقوا الله وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة: 281]؛ فإنه محاسبكم ومجازيكم، نسأل الله العفو والغفران، والثبات على الإيمان، والله المستعان، وحسبنا الله، ونعم الوكيل.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر ذي الحجة من عام ستة وأربعين وأربعمئة وألف.
[1] ينظر: مناهل العرفان (2/107)، والموسوعة القرآنية المتخصصة (1/859).
[2] ينظر: أسنى المطالب (1/569)، والمغني (8/131).