الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبي بعده، أمَّا بعد :
فهذا لفظ لا يليق استعماله في حقّ الله ؛ لأنَّه مِن الألفاظ التي تُستعمل فيما بين المخلوقين الذين تكون بينهم الأحسابُ والأنسابُ، وهو كذلك لفظٌ مجمل؛ لأن النَّسب يُطلق بالمعنى الأعم على كلّ نسبة بأيِّ اعتبار، وبين العباد وبين الله نسبةُ العبوديَّة لله، إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ [المائدة:118]، وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ أي: بعباده. هذا باعتبار جميع العباد، وأمَّا المؤمنون فبينهم وبين الله سببُ الإيمان والعمل الصَّالح، وهم عبيده العبوديَّة الخاصة التي تقتضي رحمته بهم وإحسانه إليهم، ومغفرته لذنوبهم، ومعيِّته لهم، ودفعه عنهم، فكيف يُقال مع ذلك: ليس بين الله وبين عباده حسب ولا نسب؟! وكأنَّ هذا القائل يريد أنَّه ليس بيننا وبين الله ما يوجبُ عذرنا ومغفرته لنا إذا عصيناه، وهذا باطل؛ فإنَّه تعالى فتحَ لنا أبواب الخروج مِن المعاصي؛ بالتَّوبة، والاستغفار، وفعل الصَّالحات المكفّرة للسَّيئات، والذي ينبغي للواعظ والدَّاعي إلى الله أن يبشِّرَ ولا ينفِّر، وأن يحذِّر مِن معاصي الله، ويدعو أهلها إلى الأخذ بأسباب الخروج منها، مما يُستجلبُ به عفو الله ومغفرته ورحمته، وعلى كلّ حال فلا ينبغي استعمال هذا اللفظ المسؤول عنه، والله أعلم. وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد.
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
حرر في يوم الأربعاء الموافق 27 ربيع الأول 1440 هــ