القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللَّهمَّ احفظْنا وشيخَنا والحاضرينَ. قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ حمَّادٍ العمرُ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "الدِّينُ الحقُّ" قالَ:
ثانيًا: صفةُ الصَّلاةِ
صلاةُ الفجرِ: ركعتانِ يتوجَّهُ المسلمُ ذكرًا أو أنثى نحوَ القبلةِ، وهيَ الكعبةُ الَّتي في المسجدِ الحرامِ في مكَّةَ، وينوي في قلبِهِ أنْ يصلِّيَ صلاةَ الفجرِ "الصُّبحِ"، ولا يتلفَّظُ بالنِّيَّةِ، ثمَّ يكبِّرُ قائلًا: "اللهُ أكبرُ"، ثمَّ يقرأُ دعاءَ الاستفتاحِ ومنهُ: "سبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ، وتباركَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ، ولا إلهَ غيرُكَ"، أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ، ثمَّ يقرأُ فاتحةَ القرآنِ.
ثمَّ ذكرَ الفاتحةَ
ولا بدَّ أنْ يقرأَ القرآنَ باللُّغةِ العربيَّةِ معَ الاستطاعةِ، ثمَّ يقولُ: "اللهُ أكبرُ"، ويركعُ فيخفضُ رأسَهُ وظهرَهُ، ويجعلُ باطنَ كفِّيهِ على ركبتيهِ ثمَّ يقولُ: "سبحانَ ربي العظيمَ"، ثمَّ يرفعُ قائلًا: "سمعَ اللهُ لِمَن حمدَهُ"، فإذا وقفَ قائمًا قالَ: "ربَّنا ولكَ الحمدُ"، ثمَّ يقولُ: "اللهُ أكبرُ"، ويسجدُ على الأرضِ على أطرافِ أصابعِ رجليهِ وركبتيهِ ويديهِ وجبهتِهِ وأنفِهِ، ثمَّ يقولُ في سجودِهِ: "سبحانَ ربِّي الأعلى"، ثمَّ يجلسُ قائلًا: "اللهُ أكبرُ"، ويقولُ إذا جلسَ: "ربِّ اغفرْ لي"، ثمَّ يقولُ: "اللهُ أكبرُ"، ويسجدُ على الأرضِ ثانيةً ويقولُ: "سبحانَ ربِّي الأعلى"، ثمَّ يقومُ قائمًا قائلًا: "اللهُ أكبرُ"، ثمَّ يقرأُ الفاتحةَ، وهيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] إلى آخرِها كما تقدَّمَ في الرَّكعةِ الأولى، ثمَّ يكبِّرُ ويركعُ، ثمَّ يرفعُ، ثمَّ يسجدُ، ثمَّ يجلسُ، ثمَّ يسجدُ ثانيةً، قائلًا في تلكَ المواضعِ مثلَ ما قالَهُ في المرَّةِ الأولى.
ثمَّ يجلسُ ويقولُ: "التَّحيَّاتُ للهِ، والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحِينَ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهَ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ، وعلى آلِ محمَّدٍ، كما صلَّيْتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ"، ثمَّ يلتفتُ إلى يمينِهِ قائلًا: "السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ"، ثمَّ يلتفتُ عن شمالِهِ قائلًا: "السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ"، وبذا تمَّتْ صلاةُ الصُّبحِ.
أمَّا صلاةُ الظُّهرِ والعصرِ والعشاءِ الآخرةِ: فإنَّ كلَّ واحدةٍ منها أربعَ ركعاتٍ، يصلِّي الرَّكعتينِ الأوَّليَينِ مثلَما صلَّى ركعتي الفجرِ، ولكنَّهُ إذا جلسَ بعدَهما للتَّشهُّدِ وقالَ مثلَ ما قالَهُ في جلوسِهِ قبلَ السَّلامِ لا يسلِّمُ، بل يقومُ ويأتي بركعتَينِ مثلَ الأوليَينِ، ثمَّ يجلسُ مرَّةً ثانيةً للتَّشهُّدِ، ويقولُ ما قالَهُ في جلوسِهِ الأوَّلِ، ويصلِّي على النَّبيِّ محمَّدٍ، ثمَّ يسلِّمُ على يمينِهِ، ثمَّ على شمالِهِ، كما سلَّمَ في صلاةِ الفجرِ.
القارئ: أليسَ الأَولى "يسلِّمُ عن"؟
الشيخ: نعم؟
القارئ: أليسَ الأَولى أنْ يقولَ "يسلِّمُ عن يمينِهِ" هوَ قالَ: "على"؟
الشيخ: أيش يقولُ هو؟
القارئ: يسلِّمُ على يمينِهِ، ثمَّ على شمالِهِ.
الشيخ: كأنَّ المعنى "على مَن عن يمينِهِ".
القارئ:
أمَّا صلاةُ المغربِ: فهيَ ثلاثُ ركعاتٍ، يصلِّي الرَّكعتَينِ الأوليَينِ مثلَما تقدَّمَ، ثمَّ يجلسُ ويقولُ ما قالَهُ في جلوسِهِ للصَّلواتِ الأخرى، ولكنَّهُ لا يسلِّمُ، بل يقومُ ويأتي بركعةٍ ثالثةٍ، ويقولُ ويفعلُ فيها مثلَما قالَهُ وفعلَهُ فيما قبلَها، ثمَّ يجلسُ بعدَما يسجدُ السَّجدةَ الثَّانيةَ، ويقولُ في جلوسِهِ ما قالَهُ في جلوسِ كلِّ صلاةٍ، ثمَّ يسلِّمُ على يمينِهِ، ثمَّ على شمالِهِ، وإذا كرَّرَ المصلِّي ما يقولُهُ في ركوعِهِ وسجودِهِ فهوَ أفضلُ.
[حكم صلاة الجماعة]
والرِّجالُ يجبُ عليهم أنْ يصلُّوا هذهِ الفرائضَ الخمسَ جماعةً في المساجدِ يتقدَّمُهم إمامٌ، يكونُ أحسَنَهم قراءةً للقرآنِ، وأعرفَهم بالصَّلاةِ، وأصلَحَهم في دينِهِ، ويجهرُ الإمامُ بالقراءةِ في قيامِهِ قبلَ الرُّكوعِ في صلاةِ الفجرِ، وفي الرَّكعتَينِ الأوليَينِ مِن صلاةِ المغربِ والعشاءِ، ويستمعُ لهُ مَن خلفَهُ.
والنِّساءُ تصلِّيها في البيوتِ بتستُّرٍ وتحفُّظٍ، تسترُ جميعَ جسمِها حتَّى اليدَينِ والقدمَينِ، لأنَّها كلُّها عورةٌ إلَّا وجهُها، وتُؤمَرُ بتغطيتِهِ عن الرِّجالِ، لأنَّهُ فتنةٌ تُعرَفُ بهِ فتُؤذَى، وإذا رغبَتِ المسلمةُ أنْ تصلِّيَ في المسجدِ فلا مانعَ على شرطِ أنْ تخرجَ مستترةً وغيرَ متطيِّبةٍ، وتصلِّي خلفَ الرِّجالِ لكيلا تفتنَهم، ولا تفتتنُ بهم.
[الخشوع في الصلاة]
وعلى المسلمِ أنْ يصلِّيَ للهِ بخشوعٍ وخضوعٍ وقلبٍ حاضرٍ، ويطمئنُّ في قيامِهِ وركوعِهِ وسجودِهِ، ولا يسرعُ، ولا يعبثُ، ولا يرفعُ بصرَهُ إلى السَّماءِ، ولا يتكلَّمُ بغيرِ القرآنِ وأذكارِ الصَّلاةِ، كلُّ شيءٍ في موضعِهِ لأنَّ اللهَ تعالى أمرَ بالصِّلاةِ لذكرِهِ.
[صلاة الجمعة]
وفي يومِ الجمعةِ يصلِّي المسلمونَ صلاةَ الجمعةِ ركعتَينِ، يجهرُ الإمامُ فيهما بالقراءةِ مثلَ صلاةِ الفجرِ، ويخطبُ قبلَها خطبتَينِ يُذكِّرُ فيهما المسلمينَ، ويعلِّمَهم أمورَ دينِهم، ويجبُ على الرِّجالِ حضورُها معَ الإمامِ، وهيَ صلاةُ ظهرِ يومِ الجمعةِ.
قالَ -رحمَهُ اللهُ-:
الرُّكنُ الثَّالثُ مِن أركانِ الإسلامِ "الزَّكاةُ": ...
الشيخ: إلى هنا، رحمَه اللهُ، بنى هذا الكلامَ على أركانِ الإسلامِ الخمسةِ بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ فذكرَ ما يتعلَّقُ بالشَّهادتَينِ، ثمَّ الصَّلاة، وذكرَ حكمَها وفرضَها، خمسُ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وفي هذا الفصلِ قصدَ إلى ذكرِ صفةِ الصَّلاةِ، وصفةُ الصَّلاةِ مأخوذةٌ من فعلِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقولِهِ، وقد صلَّى وعلَّمَ النَّاسَ الصَّلاةَ وقالَ: صلُّوا كما رأيْتُموني أصلِّي، وفدَ إليهِ بعضُ النَّاسِ وصلَّوا معَه، فلمَّا أرادُوا أنْ ينصرفوا قالَ: صلُّوا كما رأيْتُموني أصلِّي، كما في حديثِ مالكِ بنِ الحويرثِ.
وقد بيَّنَ الشَّيخُ ما يُشرَعُ، وأنَّ الصَّلواتِ خمسٌ، وأنَّ صلاةَ الفجرِ ركعتانِ، والظُّهر والعصر أربعُ ركعاتٍ وكذلك العشاء، وأنَّ المغربَ ثلاثُ ركعاتٍ، وبيَّنَ ما يُشرَعُ من الأذكارِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ، فتضمَّنَ كلامُهُ صفةَ الصَّلاةِ، تضمَّنَ كلامُهُ هذا صفةَ الصَّلواتِ الخمس، فمَن صلَّى على هذه الصِّفة كما جاءَتْ عن النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد أقامَ الصَّلاةَ، واللهُ تعالى يقولُ: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وإقامةُ الصَّلاةِ هو أداؤُها على الوجهِ المشروعِ الَّذي بيَّنَهُ الرَّسولُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، فالرَّسولُ قالَ في الصَّلاةِ: صلُّوا كما رأيْتُموني أصلِّي، كما قالَ في الحجِّ: خُذُوا عنِّي مناسكَكم، وقالَ سبحانَهُ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فالرَّسولُ بيَّنَ أفعالَ وأقوالَ الصَّلاةِ بقولِهِ وفعلِهِ، بفعلِهِ كما في حديثِ مالكِ بنِ الحويرثِ، وبقولِهِ كما علَّمَ المسيءَ، المسيءُ الَّذي صلَّى وأساءَ في صلاتِهِ، علَّمَه وقالَ: إذا قمْتَ إلى الصَّلاةِ فكبِّرْ، ثمَّ اقرأْ ما تيسَّرَ، ثمَّ اركعْ، ثمَّ ارفعْ وعلَّمَه.
[أركانَ الصلاةِ وواجباتها وسننها]
والصَّلاةُ فيها، أفعالُها وأقوالُها، منها ما هوَ سننٌ، ومنها ما هو واجباتٌ، ومنها ما هو أركانٌ، وقد بيَّنَ العلماءُ تفصيلَ أحكامِ هذهِ الأقوالِ والأفعالِ، فأفعالُ وأقوالُ الصَّلاةِ سننٌ وواجباتٌ وأركانٌ، فما تُرِكَ مِن السُّننِ فإنَّه لا تبطلُ بهِ الصَّلاةُ، وما تُرِكَ من الواجباتِ سهوًا يُجبَرُ بسجودِ السَّهو، وما تُرِكَ عمدًا فإنَّه تبطلُ الصَّلاةُ، أمَّا الأركانُ فتبطلُ الصَّلاةُ بتركِ شيءٍ منها سواءٌ كانَ التَّركُ سهوًا أو عمدًا، هذا ما فصَّلَه العلماءُ أخذًا من مجموعِ الأدلَّةِ، فالرُّكوعُ والسُّجودُ مِن أركانِ الصَّلاةِ؛ لقولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، وقراءةُ الفاتحةِ ركنٌ؛ لقولهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: لا صلاةَ لمَن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ ، أمَّا الاستفتاحُ فإنَّه سنَّةٌ، فلو صلَّى الإنسانُ ولم يقرأْ ذكرَ الاستفتاحِ فصلاتُه صحيحةٌ ولو تركَهُ متعمِّدًا، لكنْ ينبغي للمسلمِ أنْ يجتهدَ في إقامةِ صلاتِه بفعلِ السُّننِ والواجباتِ والأركانِ، فكلَّما حافظَ المسلمُ على آدابِ الصَّلاةِ وأركانِها وواجباتِها ومستحبَّاتِها كانَتْ أكملَ وأجرُه فيها أعظمُ، جزاكَ اللهُ خيرًا يا أبو فيصل. عندَك الزَّكاة بعدَها؟
القارئ: نعم الزَّكاة..
الشيخ: قفْ عندَها، نعم يا محمَّد.