الرئيسية/فتاوى/مقولة الزمن لا يرحم الحيارى
share

مقولة الزمن لا يرحم الحيارى

السؤال :

دار نقاش بين مجموعة مِن طلبة العلم حول جزئية مِن المقال المرفق، وهي قول الكاتب: "إذ الزمن لا يرحم الحيارى"، هل يدخل في سبّ الدهر؟ وأرادوا عرضه على علماء العقيدة، شريطة أن يقرأ الكلام كاملًا على الشيخ؟ فما تقولون؟ جزاكم الله خيرًا

الحمدُ لله، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمّا بعد:
فإنّ الزمن والدّهر شيءٌ واحد، أو معناهما متقارب، وهما ظرف لمجاري الأقدار، والله تعالى هو الفاعل لكلّ ما يحدث في الزمان، وهو الذي يقلب الليل والنهار، ويقدِّر الأقدار، وكان أهل الجاهلية ينسبون الإهلاك إلى الدهر، قال تعالى عنهم: ﴿يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ﴾[الجاثية: 24]، وهم بذلك يسبّون الدهر، والله تعالى هو الذي يحيي ويميت، ويسعد ويشقي ويهلك، كلّ ذلك بمشيئته وحكمته.
وسبّ أهل الجاهليّة الدّهر بنسبة الإهلاك إليه هو في المعنى سبٌّ لله، كما صحّ بذلك الحديث القدسي، قال تعالى: (يؤذيني ابنُ آدم، يسبّ الدّهر وأنا الدّهرُ، أقلبُ الليلَ والنّهار)، فقول القائل "الزمن لا يرحم الحيارى": يتضمّن أنّ الزمن -وهو الدهر- يرحم ولا يرحم، فمَن رحمه ظفر بمطلوبه، ومَن لم يرحمه لم يظفر، وما يحصل مِن الحرمان للحيران سببه معقولٌ وهو التردد، كالكسل، فكلاهما مضيعة للأوقات وسبب للفوت، والكَيْسُ والعزم مع صدق التوكل أقوى سبب لنيل المطالب، والله تعالى هو المعطي المانع، وأمّا الزمن فلا يعطي ولا يمنع.
إذن فقول الكاتب "الزمن لا يرحم الحيارى": هو مِن قبيل سب الدهر، لكن إن كان الكاتب يعتقد أنّ للزمن تأثيرًا في العطاء والحرمان فهو على طريقة أهل الجاهلية، وإن كان لا يعتقد ذلك فهو من الغلط في التعبير، والمسلم في غنى عن أن يجره التجديد والتزويق في العبارات إلى الوقوع في المنهيات، والله أعلم. حرر في: 1438/5/20 هـ

أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك