الرئيسية/فتاوى/حكم لبس دبلة الزواج
share

حكم لبس دبلة الزواج

السؤال :

شاع بين الناس لبس دبلة الزواج، وهي خاتم بدون فصوص، يُلبسه الخاطب لخطيبته وتُلبسه مثله، (والآن أصبحوا أحيانا يضعون له فصوصًا، لكنها تكون متساوية، بحيث يبقى حلقة فقط، لكن هذا غير مؤثر فشكل الدبلة معروف، لا يشابه باقي الخواتم)، تعارف الناس على لبسه بالبنصر الأيمن قبل العقد، وبالبنصر الأيسر بعد العقد. هذا التقليد مأخوذ عن النصارى، ولهم فيه طريقة معروفة؛ وهي أن يضع الكاهن الخاتم على الإبهام، ويقول باسم الأب، ثم على السبابة ويقول: باسم الابن، ثم على الوسطى ويقول: وروح القدس ثم على البنصر ويقول: آمين، ويلبسه للعروس، ويحددون البنصر الأيسر إشارة إلى استدامة الزواج طيلة الحياة، (وذلك بزعمهم لمرور شريان من هذا البنصر إلى القلب مباشرة، يتسبب قطعه في الموت)، كما هو معروف في تشريعاتهم أنه لا طلاق عندهم، بل تبقى محبوسة على زوجها حتى الموت. ويسمون هذا الخاتم في كثير من البلاد: المحبس، ويتعامل الناس معه بخصوصية، فخلعه علامة على فسخ الخطبة، وخلع الزوج أو الزوجة له بعد الزواج يثير الريبة والغضب، وقد يتسبب في الانفصال. نرجو إفادتنا بحكم لبسه، سواء قصد المسلم التشبه بالنصارى في لبسه واعتقادهم أم لم يقصد. وهل انتشاره بين المسلمين مؤثِّر في حلِّ لبسه، أو أنه ممَّا للكفار فيه عقيدة، فلا تجوز مشابهتهم فيه؟

 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فقد أحسنت -أيها السائل- في شرح هذه العادة الذَّميمة المقبوحة، [1]  ومن هذا الشرح نعلم أنَّ مَن يعمل بعادة الدِّبلة [2] متشبِّه بالنصارى، وفي الحديث: "من تشبَّه بقوم فهو منهم"، [3]  وعليه فمَن لبس الدِّبلة دون التزام بعادة النصارى يكون قد أخذ بقدْر من التشبُّه، وهذا القدر كافٍ في التحريم؛ [4]  لأنه داخلٌ في عموم الحديث، وهو وسيلة إلى ما بعده، ممَّا هو أفحش منه وأقبح، ولا أظنُّ مسلمًا يتشبَّه بالنصارى في ذِكر اسم الأب والابن وروح القدس، وإن فعل هذا صار نصرانيًّا كافرًا؛ لأنه تشبَّه بالنصارى في دينهم؛ فالواجب الحذر والتحذير، والإنكار على من شُوهِدت عليه هذه العادة، أعني لبس الدِّبلة، مع بيان وجه النهي، وهو التشبُّه بالكفار، نسأل الله العافية، هذا؛ وفتنة التشبُّه بالكفَّار هي أصل بلاء المسلمين، فما من فساد في مجتمعات المسلمين إلا وأصله التشبُّه باليهود والنصارى أو المشركين، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويبصِّرهم بدينهم، ويصرف عنهم مُضلَّات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ويضاف إلى ما سبق: إذا كان خاتم الدبلة من الذهب فيَحْرُم على الخطيب من جهة تحريم الذهب على الرجال، كما صحَّت بذلك الأحاديث، [5]  ولا أثر لانتشار هذه العادة بين المسلمين، قال تعالى: قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100]. والله أعلم.  

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 26 جمادى الآخرة 1444هـ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 وقد نقل الألباني في آداب الزفاف في حاشية (ص212) مجمل ما ذكره السائل، وأن أصل العادة نصرانيٌّ، وأن بِنصر اليد اليسرى له اتصال مباشر بالقلب في زعمهم.
2 وهي حلقة من الذَّهَب أَو الفضة من غير فص تُوضَع في الإصبع. ينظر: المعجم الوسيط (1/270).
3 أخرجه أحمد (5114)، و(5115)، وأبو داود (4031) عن ابن عمر رضي الله عنهما. وصححه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2/676 رقم 797)، وحسنه ابن حجر في الفتح (10/271). وينظر: الإرواء (1269).
4 ينظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز (20/162)، ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين (18/100)، (18/112).
5 ينظر: سنن البيهقي (5/112)، وهي أحاديث متواترة كما في نظم المتناثر (160).