الرئيسية/فتاوى/حكم تكرار قراءة سورة الإخلاص لما لها من الفضل
share

حكم تكرار قراءة سورة الإخلاص لما لها من الفضل

السؤال :

ما وردَ مِن الفضلِ في قراءة سورة الإخلاص ثلاثَ مرَّات وأنَّه يعدلُ قراءة القرآن كاملًا في الأجر، هل يُفهمُ مِن الحديث مشروعيَّة تكرار السّورة دائمًا ؟

الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبي بعده؛ أمَّا بعد :

فقد ثبتَ في الصَّحيحين أنَّ سورة “قلْ هوَ اللهُ أحدٌ” تعدلُ ثلث القرآن، واختلفَ العلماءُ في معنى ذلك؛ فقيل: تعدلُ ثلثَ القرآن مِن حيث معناها، فمعاني القرآن ترجعُ إلى ثلاثة؛ فهي إما خبرٌ، وإما طلبٌ، وهو الأوامر والنَّواهي، والخبرُ إما خبرٌ عن الله وأسمائه وصفاته، وإما خبرٌ عن المخلوقات، وهذه السّورة تضمَّنت الخبر عن الله، وأُخلصت لذلك، فهي صفةُ الرَّحمن سبحانه وتعالى. وقالَ بعضُ أهل العلم: بل إنَّها تعدلُ ثلث القرآن مِن حيث ثواب التّلاوة، والقولُ الأولُ هو الذي يقرره شيخُ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله ويختاره، وألَّف في ذلك كتابًا سماه “جواب أهل العلم والإيمان في أنَّ سورة قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن”.

ومما وردَ في فضلها قولُه -صلَّى الله عليه وسلَّم لذلك الرَّجل أمير السريَّة الذي كان يختمُ بها قراءته في الصَّلاة، وذكرَ أنَّ الذي حمله على ذلك أنَّها صفة الرَّحمن فهو يحبها، فقالَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (أخبروهُ أنَّ اللهَ يُحبُّه) متفق عليه، ومع ذلك لم يكن ختْمُ القراءة بها مشروعًا دائمًا، ولم يؤثر أنَّ أحدًا ممَّن يُقتدى به كانَ يتحرَّى ذلك، لكن مَن أحبَّ أن يفعلَ ذلك أحيانًا جازَ له ذلك، وقد ورد استحبابُ قراءتها في مواضع، كما في ركعتي الفجر، وركعتي الطواف، والوتر، وغير ذلك، أما تكرارها دائمًا والاستغناء بذلك عن تلاوة القرآن فهذا غلط، وأكثرُ مَن يفعله الصُّوفيَّة، وقد ذكر ابنُ تيمية رحمه الله في الكتاب المذكور أنَّها لا تعدلُ تلاوة ثلث القرآن، ولا تغني عن تلاوة الثلث، لكن لو كررها الإنسان في بعض الأحيان ليتدبَّر معناها كانَ حسنًا.

هذا؛ وينبغي أن يُعلم أنَّه لابدَّ أن يُستعان على فهم السُّنن المرويَّة بعمل الصَّحابة والتَّابعين لهم بإحسان؛ فإنَّهم أعلمُ بمراد الله ومراد رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأكمل طاعة واتباعًا. والله أعلم .

أملاه :

عبد الرَّحمن بن ناصر البرَّاك

في السادس عشر من ذي القعدة الحرام في 1436هـ