الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيّنا محمَّد، أما بعد:
فنعَم: إنَّ الله تعالى منه البركة، ومنه كلُّ خير، وبيده الخير كلُّه، وهو على كلِّ شيء قدير، ويوصف ربُّنا جلَّ وعلا بأنَّه تبارك، قال تعالى: تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]، وقال سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا [الفرقان:61]، وتوصف أسماؤه بذلك، قال سبحانه: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:78]، وفي ذكر الاستفتاح في الصلاة: «وتبارك اسمُك». [1]
أما وصف الله بأنَّه مبارَك فلا يجوز؛ لأن مُباركًا اسم مفعول مِن بارَك يبارك، يقال: بارك عليه، وبارك فيه، فهو مُبارَك، وهذا لا يليق بالله؛ إذْ بركته تعالى ذاتيَّة، ليست موهوبة ومستفادة من غيره -تعالى الله عن ذلك- بل هو سبحانه الذي يمنح البركة مَن شاء، ويجعل البركة فيمَن شاء، وما شاءَ مِن العباد والبلاد، قال تعالى عن عيسى عليه السلام: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ [مريم:31]، وقال في الأرض المباركة: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً [سبأ:18]؛ فتبيَّن بذلك أن الله لا يوصف بأنه مُبارَك؛ لما تقدم من الدليل. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
13 جمادى الآخرة 1442هـ
الحاشية السفلية
↑1 | – أخرجه مسلم (رقم 399) عن عمر رضي الله عنه.
|
---|