الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فقد فرض الله على عباده خمس صلوات في كل يوم وليلة، وجعل لكل صلاة وقتا، إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: 103] أي: مفروضة في أوقات[1]، واليومُ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومن حكمته تعالى ورحمته أن خصَّ كل صلاة في وقتٍ من اليوم في طرفي النهار ووسطه، وكل صلاة منسوبةٌ إلى وقتها، وقد نبَّه تعالى على ذلك في آيات من كتابه، قال تعالى: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء: 78]، فما عُرف من الأيام بدورة الشمس فالأمر فيه ظاهر، وما لم يُعرفْ لسبب من الأسباب كالذي ذكرتَ -أيها السائل- فإنه يقدَّر، كما أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك في أيام الدجال، ففي الحديث: قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يومًا، يومٌ كسنة، ويومٌ كشهر، ويومٌ كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسَنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدُروا له قَدْرَهُ رواه مسلم[2].
وعليه: فاليوم الذي لم يتميَّز عندك؛ إذْ كانت الرحلة أربعة أيام، ولم يتميَّز لك إلا ثلاثة بدورة الشمس، فلا تسقط عنك صلوات اليوم الرابع، وإن لم تعرف مواقيتها، وحينئذ فعليك قضاؤها قطعًا؛ فإنه مقدارُ يوم تعرفه بالساعة: أربعًا وعشرين، فلابد أن يصادف يومًا من أيام الأسبوع فيسمَّى باسمه، وهو معدود من عمرك وعمر الدنيا، ولا يختلف الحكم باختلاف مقدار المكث في البلد الذي تنزل فيه، وأمَّا قولك: “تكرار صلوات اليوم الزائد إذا عبرت الخط في الاتجاه العكسي” فلم أتصوره، وصلوات اليوم متى أدِّيت فلا يشرع تكرارها إلا إذا حصل سبب يبطلها، فيكون قضاءً لا تكرارًا.
والذي يظهر لي أن مسألة الصلاة لا تقاس على مسألة الصيام عند الانتقال من بلد إلى بلد؛ لأن الصلاة متعلقة باليوم، والصيام متعلق بالشهر.
وأمَّا قضاء الصلوات، فتقضيها في أول وقت تصل فيه إلى بلد يمكنك القضاء فيه، ولا تؤخرْها إلى أن تعود إلى بلدك، إبراءً لذمتك. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 17 محرم 1447ه
[1] ينظر: تفسير الطبري (7/451-452).
[2] برقم (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه.