الرئيسية/فتاوى/سافرت غربا أربعة أيام ولم تمر بي إلا ثلاث دورات شمسية فصليت ١٥ صلاة بدلًا من ٢٠ فهل يجب علي قضاء الصلوات الخمس الناقصة؟

سافرت غربا أربعة أيام ولم تمر بي إلا ثلاث دورات شمسية فصليت ١٥ صلاة بدلًا من ٢٠ فهل يجب علي قضاء الصلوات الخمس الناقصة؟

السؤال :

فضيلة الشيخ: أنا مسافر من السعودية إلى أمريكا، ثم من أمريكا إلى أستراليا، ثم من أستراليا إلى السعودية. بسبب اتجاه السفر غربًا في كل رحلة، سيطول عليّ اليوم في كل سفرة بنحو ٨ ساعات إضافية. أي إنني في مجموع أسفاري هذه سأكون قضيتُ ٩٦ ساعة (٤ أيام كاملة لو كانت الأيام ٢٤ ساعة)، لكنني فعليًا رأيت خلالها ثلاث دورات للشمس (شروق وغروب)، وصليت خلالها ١٥ صلاة فقط بدلًا من ٢٠ صلاة المعتادة في ٤ أيام.

فهل يجب علي قضاء الصلوات الخمس الناقصة لأكمل عدد صلوات ٤ أيام؟ أو أعتبر نفسي قد عشت ثلاثة «أيام شرعية» فقط؛ لأن الشمس دارت عليّ ثلاث مرات؟ وهل الحكم يختلف باختلاف مدة المكث في أي بلد من البلدان الثلاثة؟

وهل السفر عبر الخط الدولي لتغيير التاريخ (International Date Line) يُوجب علي قضاء صلوات اليوم الناقص؟ أو تكرار صلوات اليوم الزائد إذا عبرت الخط في الاتجاه العكسي؟

وهل تُقاس هذه الحالة على مسألة الصيام حين ينتقل الصائم من بلد إلى آخر، فيختلف عليه بدء أو انتهاء الشهر الهجري؟ فيقضي يوما إذا نقص صيامه عن ٢٩ يوما؛ لأن الشهر لا ينقص عن ٢٩ يوم، بينما يصوم مع المسلمين ولو زاد يوما عن ٣٠ يوما، فأقضي الصلوات الناقصة إذا سافرت غربا، وأصلي مع المسلمين إذا سافرت شرقا؟

وإذا كان القضاء لازمًا، فهل أقضي الصلوات فور عبوري خط التاريخ الدولي، أو أنتظر حتى أعود إلى بلدي؛ حيث يكتمل علي فقدان ٢٤ ساعة كاملة؟

أجيبوني في هذه المسائل، والله يرعاكم.

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

 فقد فرض الله على عباده خمس صلوات في كل يوم وليلة، وجعل لكل صلاة وقتا، إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: 103] أي: مفروضة في أوقات[1]، واليومُ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومن حكمته تعالى ورحمته أن خصَّ كل صلاة في وقتٍ من اليوم في طرفي النهار ووسطه، وكل صلاة منسوبةٌ إلى وقتها، وقد نبَّه تعالى على ذلك في آيات من كتابه، قال تعالى: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء: 78]، فما عُرف من الأيام بدورة الشمس فالأمر فيه ظاهر، وما لم يُعرفْ لسبب من الأسباب كالذي ذكرتَ -أيها السائل- فإنه يقدَّر، كما أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك في أيام الدجال، ففي الحديث: قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يومًا، يومٌ كسنة، ويومٌ كشهر، ويومٌ كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسَنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدُروا له قَدْرَهُ رواه مسلم[2].

وعليه: فاليوم الذي لم يتميَّز عندك؛ إذْ كانت الرحلة أربعة أيام، ولم يتميَّز لك إلا ثلاثة بدورة الشمس، فلا تسقط عنك صلوات اليوم الرابع، وإن لم تعرف مواقيتها، وحينئذ فعليك قضاؤها قطعًا؛ فإنه مقدارُ يوم تعرفه بالساعة: أربعًا وعشرين، فلابد أن يصادف يومًا من أيام الأسبوع فيسمَّى باسمه، وهو معدود من عمرك وعمر الدنيا، ولا يختلف الحكم باختلاف مقدار المكث في البلد الذي تنزل فيه، وأمَّا قولك: “تكرار صلوات اليوم الزائد إذا عبرت الخط في الاتجاه العكسي” فلم أتصوره، وصلوات اليوم متى أدِّيت فلا يشرع تكرارها إلا إذا حصل سبب يبطلها، فيكون قضاءً لا تكرارًا.

والذي يظهر لي أن مسألة الصلاة لا تقاس على مسألة الصيام عند الانتقال من بلد إلى بلد؛ لأن الصلاة متعلقة باليوم، والصيام متعلق بالشهر.

وأمَّا قضاء الصلوات، فتقضيها في أول وقت تصل فيه إلى بلد يمكنك القضاء فيه، ولا تؤخرْها إلى أن تعود إلى بلدك، إبراءً لذمتك. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 17 محرم 1447ه

 

[1] ينظر: تفسير الطبري (7/451-452).

[2] برقم (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه.