الرئيسية/فتاوى/الاستدلال بحديث أبي جحيفة عن الجمع بين الظهر والعصر في السفر
share

الاستدلال بحديث أبي جحيفة عن الجمع بين الظهر والعصر في السفر

السؤال :

ذكرتم -حفظكم الله- في كتاب "العُدَّة من فوائد أحاديث العمدة" عند الحديث رقم (٧٢) عند قول أبي جُحيفة: "فتقدم وصلى الظهر ركعتين ثم صلى العصر ركعتين"، قلتم :"إن ظاهر الرواية أن النبي  -صلى الله عليه وسلم- لم يجمع بين الظهر والعصر وهذه سنته في السفر إذا كان نازلاً" اهـ.

سؤالي هو: أن ظاهر الرواية الجمع بين الظهر والعصر خلافًا لما ذكرتم وفقكم الله! فما توجيه فضيلتكم؟

 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فما جاء في "كتاب العدة في فوائد حديث العمدة" عند حديث أبي جُحيفة، في الفائدة السابعة، [1]  وهي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-لم يجمع بين الظهر والعصر، وبعد النظر في الاستشكال الوارد من السائل تمت مراجعة شروح الحديث، فوجدنا الشرَّاح متَّفقين على أن الحديث ليس فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين صلاتي الظهر والعصر، وفي بعض الروايات التصريح بما يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العصر في وقتها، وإليك ما قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري، قال رحمه الله: "حديث أبي جُحيفة قد يوهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالهاجرة الظهر والعصر، فجمَع بينهما في أول وقتهما وهو مقيم بمكة، ولم يستدل به أحد -فيما نعلم- على الجمع بين الصلاتين، وقد جاء في رواية للإمام أحمد: [2]  "فصلى الظهر أو العصر" بالشك، ولكن رواية من قال: "بالهاجرة" يدل على أنه صلى الظهر بغير شك، وقد خرجه مسلم، ولفظه: "فتقدم، فصلى الظهر ركعتين، يمر بين يديه الحمار والكلب لا يُمنع، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة"، [3]  وهذا يدل على أنه إنما صلى العصر في وقتها.

وقد رواه حجاج بين أرطاة، عن عون بن أبي جُحيفة، عن أبيه، وقال فيه -بعد ذكر صلاة الظهر-: ثم حضرت العصر، فقام بلال فأذَّن، فصلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين. خرجه من طريقه ابن سعد، [4]  وهو صريح في أنه لم يجمع بين الصلاتين، وحجاج بن أرطاة، وإن كان متكلَّما فيه، [5]  إلا أنه فقيه يَفهم معنى الكلام، فيُرجع إلى زيادته على من ليس له مثل فهمه في الفقه والمعاني" اهـ كلام ابن رجب. [6]

هذا، وأقول: إن ممَّا اعتمدت عليه في الفائدة السابعة ما عُلم من هديه -صلى الله عليه وسلم- في السفر من عدم الجمع إذا كان نازلًا، كما في منى وفي مكة في حجة الوداع، [7]  وفي غير ذلك من أسفاره -صلى الله عليه وسلم-، فلم يكن يجمع إلا إذا جدَّ به السير، وجمع بعرفة ومزدلفة، [8]  وربَّما جمع -صلى الله عليه وسلم- وهو نازل، لكن ذلك قليل، كما ذُكر ذلك في غزوة تبوك. [9]  والله أعلم. 

 أملاه:

 عبد الرحمن بن ناصر البراك

حُرر في 3 شعبان 1443هـ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 (ص126).
2 برقم (18762).
3 برقم (530-249).
4 في الطبقات -ط الخانجي (1/269)
5 ينظر: ميزان الاعتدال-ت البجاوي- (1/458 رقم 1726).
6 (4/47-48).
7 أخرجه مسلم (1218) عن جابر رضي الله عنه.
8 أخرجه مسلم (1218) عن جابر رضي الله عنه.
9 أخرجه أحمد (22094)، وأبو داود (1208)، (1220)، والترمذي (553) وينظر كلام ابن القيم على هذه الحديث وهذه المسألة في: زاد المعاد – الرسالة- (1/477)، (1/481).