الرئيسية/فتاوى/استشكال في أبيات شعرية
share

استشكال في أبيات شعرية

السؤال :

مرضَ صديقٌ لي شاعر، ثم أرسل إليَّ بهذه الأبيات:
وقَـى الله عينيكَ اللتيـن تلـذَّذتَ     بـآيٍ وعلـمٍ أن تـرى بهمـا تعسـا
ولا زلتَ في سترٍ مِن الله شاملٍ        وقى الله منكَ الدينَ والعلمَ والنفسا
أخـوكَ به مِـن كـلّ سُقْـم بليــةٌ         ترى هل هو التابوت وَرَّثه موسى
فاستغربتُ مِن البيت الثالث، فهل في معناه إشكال، وهل لِمَن كانت حاله مثل حال الشّاعر مِن السقم أن يرسل بالأبيات إلى مَن يريد مِن أصحابه؟ جزاكم الله خيرا.   
 

الحمدُ لله وحده، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد؛ أمّا بعد :
فإنَّ الإشكال في صدر البيت الثالث، وهو قوله: "أخوكَ به مِن كلِّ سقم بليةٌ"؛ ففيه نوع شكاية وتسخط مما أصابه مِن السَّقم، وليس مضمونه مطابقًا للواقع؛ لأنّه ليس به إلا سقم مِن الأسقام، واللائق بالمؤمن الصّبر عند البلاء، والنَّظر إلى مَن دونه ممن هو في بلاء أعظم مما يشهده نعمة الله عليه؛ ولكن الشَّاعر لعله استدرك في عجز البيت، وهو قوله: "ترى هل هو التَّابوت ورثه موسى"، وتفاءل بحصول السّكينة له بعد القلق، حيث شبّه حاله بتابوت موسى الذي فيه سكينة مِن الله تعالى.
وقد أحسن الشّاعر في البيتين الأولين في الدّعاء لصاحبه بألا ينظر بعينيه إلى ما يوجب التَّعس والشّقاء، بعدما تمتّع بالنَّظر بهما إلى آيات الله في الكون وآيات الله في المصحف، وإلى مسائل العلم في أسفاره، ثم الدّعاء له بالسّتر الشّامل، وحفظه في دينه وعلمه ونفسه.
ولا أرى لِمَن ابتُلي بمثل ما ابتُلي به الشاعر مِن السّقم أن يرسل الأبيات المذكورة إلى أحد مِن النّاس؛ لِمَا فيها مِن التّسخّط وسوء الأدب مع الله الذي عافاه مِن كثير مِن الأسقام، فلو فكّر الشاعر في حال كثير مِن أهل البلاء لعرف نعمة الله عليه، والله أعلم.

 أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك
الثَّاني عشر من شعبان 1437هـ