الرئيسية/فتاوى/حكم صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم سبت
share

حكم صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم سبت

السؤال :

فضيلة الشيخ عبدالرَّحمن البرَّاك، حفظه الله؛ اشتهرَ بين النَّاس مقطعٌ صوتيٌّ للشَّيخ الألباني -رحمه الله- يتضمَّنُ النَّهي عن صوم عاشوراء إذا وافقَ يوم السبت؛ محتجَّاً بحديث: (لا تصوموا يومَ السَّبت إلَّا فيما افترضَ عليكم)، وذكرَ الشَّيخُ أنَّ صيامَ عاشوراء إذا صادفَ يومَ السَّبت، مثلُ صيامِ الاثنين إذا صادفَ يومَ العيد، فكلاهُما لا يُصام، فما هو القولُ الصَّحيحُ في ذلك، وهل الحديث الذي ذكره ثابتٌ ؟ جزاكم الله خيرًا، ونفعَ بعلمكم .

 

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه، أما بعد :

فقد اشتهرَ عن الشَّيخ ناصر الألباني -رحمه الله- مِن زمنٍ بعيد أنَّه ينهى عن صيام يوم السَّبت مطلقًا، مفردًا أو مع غيره، وهو مسطورٌ في بعضِ كتبه كما في "السلسلة الصَّحيحة" و"إرواء الغليل"، وهو مسجَّل أيضًا بصوته على الشَّبكة، واحتجَّ الشَّيخُ بحديث الصَّماء بنت بسر -رضي الله عنها- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (لا تَصُومُوا يومَ السَّبتِ إِلا فيمَا افْترضَ عليكُم ، فإِنْ لم يَجِدْ أَحَدُكُم إِلا لِحَاءَ عِنَبٍ ، أَو عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضغا).

وقدَّم الشَّيخ ناصرُ هذا الحديثَ على كلِّ الأحاديث الصَّحيحة عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- القوليَّة والفعليَّة، الدَّالة على جواز صيام يوم السبت، كصومه -صلَّى الله عليه وسلَّم- لشعبان، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (أفضلُ الصّيامِ بعدَ رمضان شهرُ الله المحرَّم)، وما وردَ مِن صوم يومٍ وفطر يوم، وأنَّه أفضل الصّيام، وما صحَّ عنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه كانَ يصومُ حتى يقول القائلُ: لا يفطر، وكلُّ هذه الأحاديث تتضمَّنُ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كانَ يصومُ يوم السَّبت، وكلُّها تتضمَّن صيامَ يوم السَّبت مع غيره، ولهذا حكمَ جمهورُ العلماء على حديث الصَّماء بأنَّه شاذٌّ أو منسوخٌ، وحمله جمعٌ مِن العلماء على إفراد السَّبت بالصَّوم، جمعًا بين الأدلَّة، وهو قولٌ حسنٌ، ولكنَّ الشَّيخ ناصرا الألبانيَّ -رحمه الله- يأبى ذلك، ويرى أنَّ لفظ الحديث يأبى حملَه على أن يكونَ المرادُ هو الإفراد، لِمَا فيه مِن تأكيد النَّهي بالاستثناء المفيد للحصر الدَّال على عموم النَّهي.

وبهذا يظهرُ أنَّ قولَ الشَّيخ ناصر -رحمه الله- مخالفٌ لجميع أهل العلم؛ فإنَّهم بين مضعِّف للحديث، أو حاكم بنسخه أو شذوذه، أو متأوِّلٍ له على صومه مفردًا، وممَّن ضعَّف الحديث: الإمام مالك، والزّهري، والأوزاعي، والإمام أحمد، والطحاوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن حجر، ومَن بعدهم شيخُنا الشَّيخ عبد العزيز بن باز رحم الله الجميع، وممَّن حمله على إفراد السَّبت بالصوم: الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والبغوي، والبيهقي، والعراقي، ومِن المتأخِّرين الشوكاني، رحمهم الله، وقال أبو داود: إنَّه منسوخ.

وعلى ذلك: فقولُ الشَّيخ ناصر الألباني -رحمه الله- بالمنع مِن صوم يوم السبت مطلقًا قولٌ شاذٌّ، لا ينبغي الأخذُ به، ولهذا نقول: إنَّ يوم عاشوراء في هذا العام (1437هـ) يصادفُ يوم السَّبت، فالأولى أن يُصام اليومُ الذي قبله، وهو يوم الجمعة، وصومُ هذين اليومين أحوط باعتبار التَّردد في دخول الشهر بين الأربعاء والخميس. والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد .

 

أملاه :

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

في السابع من شهر الله المحرم لعام 1437هـ